47
وعندما جاء الإسلام أقر السعي بين الصفا والمروة أشواطا سبعة، واعتبرها من شعائر الله في الحج. فهل كان عربي قبل الإسلام، يقدس ويبجل من ذكرت الرواية الإسلامية أنهما فجرا ومارسا الفعل الجنسي في فناء الكعبة؟
الحقيقة أنه لا يمكن فهم هذا الأمر إلا إذا كان فعل «إساف» و«نائلة» بالكعبة في نظر عبادهما ليس فجرا بل عملا مقدسا، وأنهما كانا يتمثلان عبادة جنسية سادت زمانا في هذه المنطقة، وأن السعي بينهما لم يكن في المقاييس الخلقية القديمة أمرا مشينا، بل كان نوعا من العبادة المقدسة والمقررة في نظر أصحابها، والتي كانت منتشرة في بقية بقاع المنطقة انتشارا هائلا، خاصة في بلاد الشام والعراق بوجه خاص، وبقية بلاد الهلال الخصيب بأكملها، دونما إحساس بأنه أمر مخجل أو معيب، وكل ما في الأمر أن الرواة المسلمين عندما واجهوا هذه المسألة بالمقاييس الأخلاقية الجديدة، لم يستسيغوا الأمر على هذا الشكل، فسموا الفعل الجنسي المقدس فجرا قام به «إساف» و«نائلة» فمسخا صنمين.
وهذه الحقيقة الأولى، نضعها في رصيد ترجيحنا وجود عبادة جنسية في المنطقة في أدوارها الأولى. (8) وهناك علامات
والعجيب حقا أن الروايات الإسلامية عندما أرادت تفسير السر في استمرار تقديس الصفا والمروة في الإسلام، واستمرار السعي بينهما في شعائر الحج الإسلامي، استبدلت الذكر «إساف» والأنثى «نائلة»، بذكر وأنثى مرة أخرى، ممثلين في «آدم» و«حواء» ليقوما بالفعل الجنسي بدلا من «إساف» و«نائلة»، إذ أمر الله «جبريل» أن ينزل «آدم» من على الصفا، و«حواء» من على المروة إلى خيمة نصبت موضع البيت، وهناك جمع بينهما في الخيمة، وبني البيت بحجر من الصفا وحجر من المروة،
48
أو بمزيج من الذكر والأنثى؟ بل يقال إن ما لله تعالى من منسك أحب إليه من موضع المسعى بين الصفا والمروة
49
وهذه حقيقة أخرى نضيفها لرصيد احتمال وجود عبادة جنسية في البيت الإلهي المكي في عهوده القديمة.
وهناك رواية إسلامية أخرى تقول: إن «آدم» و«حواء» عندما هبطا من الجنة نزلا مفترقين، وظلا هائمين حتى التقيا، وعرف «آدم» «حواء» (أي جامعها، والتوراة بشكل خاص تصر على استخدام لفظ عرف بمعنى جامع) على جبل عرفة؛ لذلك عرف الجبل باسم عرفة؛ لأن «آدم» عرف أو جامع «حواء » عليه!
Неизвестная страница