Новый органон: искренние руководства по интерпретации природы
الأورجانون الجديد: إرشادات صادقة في تفسير الطبيعة
Жанры
instances that open doors or gates ، هذا هو الاسم الذي أعطيه لتلك الشواهد التي تساعد الأفعال المباشرة للحواس، من الواضح أن البصر يحتل المكان الأول بين الحواس فيما يتعلق بالمعلومات، ومن ثم فهذه هي الحاسة التي ينبغي أن نجتهد في المقام الأول لكي ندبر لها معينا، ويظهر أن هناك ثلاثة أنواع من المعينات: فإما أن نمكن البصر أن يدرك ما لا يدركه أو أن يدرك أبعد مما يدركه، أو أن يدرك على نحو أكثر دقة وتحديدا.
إذا ضربنا صفحا عن النظارات وما إليها، التي تنحصر وظيفتها في تصحيح وإزالة الضعف في النظر الضعيف، ومن ثم لا تقدم معلومات جديدة، فإن من شواهد النوع الأول الميكروسكوبات - التي اخترعت أخيرا - التي تكشف الأجزاء الدقيقة الخفية وغير المرئية للأجسام وتراكيبها الكامنة بتكبير حجمها بدرجة مدهشة، وبواسطتها نشاهد، باندهاش عظيم، الشكل والتكوين الدقيق لدى البرغوث والذبابة والديدان، وكذلك ألوانها وحركاتها التي كانت في السابق غير مرئية، ويقال أيضا: إن الخط المرسوم بقلم الحبر أو الرصاص يرى خلال هذه العدسات شديد الاعوجاج والتموج، وتأويل ذلك: أنه لا حركة اليد مهما استعانت بمسطرة، ولا انطباع الحبر أو اللون، بالشيء المستوي في حقيقة الأمر، رغم أن عدم الاستواء هو من الدقة بحيث لا يمكن كشفه بدون هذه العدسات. هنا أيضا قدم الناس نوعا من الملاحظة الخرافية (كشأنهم مع كل شيء جديد ومدهش)، وهو أن مثل هذه الميكروسكوبات تشيد بأعمال الطبيعة وتهين أعمال الفن، ولكن هذا يعود ببساطة إلى أن نسيج الطبيعة أدق بكثير من النسيج الصناعي، فهذا الميكروسكوب لا يصلح إلا للأشياء الدقيقة، فلو أن ديمقريطس قد شهد عدسة مكبرة لقد كان قمينا ربما أن يثب فرحا؛ ظنا منه أن قد اخترعت وسيلة لرؤية الذرة (التي أكد أنها غير قابلة للرؤية على الإطلاق)، ولكن قصور هذه الميكروسكوبات في ملاحظة أي شيء عدا الأجسام البالغة الدقة (بل قصورها حتى في هذه الأخيرة حين تكون جزءا من جسم أكبر) يدمر فائدتها؛ ذلك أن هذا الاختراع لو أمكن أن يمتد إلى الأجسام الأكبر أو الأجزاء الدقيقة للأجسام الكبيرة، بحيث تبدو قطعة القماش أشبه بشبكة، وبحيث تشاهد وتميز الملامح والتعاريج الخفية للجواهر والسوائل والبول والدم والجروح والكثير من الأشياء الأخرى؛ لأمكننا - بغير شك - أن نجني فوائد عظيمة من هذا الاختراع.
ومن شواهد النوع الثاني: الإنجاز العظيم لجاليليو؛ التلسكوب، الذي يفتح اتصالا أقرب، وكأن بقوارب أو بسفن بيننا وبين أجرام السماء؛ فبفضل مساعدة التلسكوب تأكدنا أن درب التبانة هو مجرد عقدة أو كوكبة من النجوم الصغيرة منمازة ومنفصلة بشكل واضح، وهو ما لم يكن يعرفه القدامى إلا ظنا وتخمينا، ويبدو أيضا أنه يثبت أن الفضاءات فيما بين ما يسمى أفلاك الكواكب ليست خلوا تماما من نجوم أخرى، بل إن السماء يبدأ التماعها بالنجوم من قبل أن تصل إلى الكرة السماوية النجمية نفسها، وإن كانت تلك نجوما أصغر من أن تشاهدها بغير مساعدة التلكسوب، يمكن للمرء بهذا التلسكوب أن يشاهد مجموعات النجوم الصغيرة حول كوكب المشتري (وقد يحدس من هذا أن هناك أكثر من مركز واحد في حركات النجوم)، وبه ترى تفاوتات النور والظل على سطح القمر وتحدد على نحو أوضح، بحيث يمكن عمل نوع من الخريطة للقمر، وبه يمكن للمرء أن يرى البقع في الشمس، وما إلى ذلك، وكلها بالتأكيد كشوف جليلة إذا أمن المرء لصدق هذا الضرب من البراهين، غير أننا في شك كبير من مثل هذه الأشياء؛ لأن الخبرة تتوقف عند هذه الأشياء القليلة، ولأن أشياء أخرى كثيرة تستحق الدراسة بالمثل لم يتم اكتشافها بنفس الوسيلة.
66
ومن شواهد النوع الثالث: قضب قياس الأرض - الأسطرلاب وما شابهه - التي لا تكبر حاسة البصر بل تصححها وتركزها، وإذا كان ثمة شواهد أخرى تساعد الحواس الأخرى في أعمالها الفردية المباشرة، فإنها بعد لا تسهم في مشروعنا ما لم يكن من شأنها أن تضيف إلى الرصيد الفعلي من المعلومات التي بحوزتنا الآن؛ ولذلك لم أتطرق إليها. ••• (40) وفي المرتبة السابعة عشرة بين شواهد الامتياز سأضع «شواهد الاستدعاء»
summoning instances ،
67
مستعيرا اللفظة من المحاكم المدنية؛ لأنها تستدعي للمثول الأشياء التي لم تفعل ذلك من قبل، وأسميتها أيضا «شواهد الاستشهاد»
invoking (citing) instances ، تتسم هذه الشواهد بأنها ترد إلى مجال الحواس تلك الأشياء التي لا تقع فيه بشكل مباشر.
تند الأشياء عن الحواس إما بسبب بعدها وإما بسبب تدخل أجسام أخرى، وإما لأنها غير قادرة على ترك انطباع على الحواس، وإما لأن كم الشيء لا يكفي لإثارة الحواس، وإما لأن الزمن غير كاف لتنبيه الحواس، وإما لأن الحواس لا تحتمل تأثير الشيء، وإما لأن شيئا ما قد ملأ الحواس وملكها مسبقا فلم يبق متسع لحركة أخرى. هذه العوامل تخص البصر في المقام الأول واللمس في المقام الثاني، تسهم هاتان الحاستان بشدة في تزويدنا بالمعلومات عن الأشياء العادية، بينما لا تقدم الحواس الثلاث الباقية أي معلومات إلا بطريق مباشر وإلا عن أشياء خاصة بكل حاسة. (1) في الحالة الأولى لا يوصل الشيء إلى الحواس إلا إذا كان الشيء الذي لا تمكن رؤيته قد أضيف إليه أو استبدل به شيء يمكن أن يغير أو يؤثر في الحواس عن بعد، مثلما تحمل الأخبار عن طريق النيران والأجراس وما شابه. (2) في الحالة الثانية يحدث التوصيل حين يؤتى بالأشياء التي يبطنها الجسم ولا يسهل عرضها، يؤتى بها أمام الحواس بواسطة أشياء على السطح أو أشياء تخرج من الداخل، كما تكشف حالة جسم بشري بواسطة النبض والبول وما إلى ذلك. (3)، (4) توصيل النوع الثالث والرابع ينطبق على أشياء كثيرة، وينبغي أن نفطن لها دائما في أبحاثنا في الطبيعة، مثال ذلك: من البين أن الهواء والروح والأشياء التي من هذا القبيل التي تتسم في كل جوهرها باللطف والخفة، من البين أنها لا يمكن أن ترى أو تلمس، من الضروري للغاية في دراسة مثل هذه الجواهر أن نلجأ إلى ضروب التوصيل (الرد).
Неизвестная страница