إليهن بالكلية، ولو كان لأحدكم حاجة يريد تناولها منهن، فلا ينظر إليهن، ولا يسألهن حاجة إلا من وراء حجاب.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان، عن مسعر، عن موسى بن أبي كثير، عن مجاهد، عن عائشة ﵀ قالت: كنت آكل مع النبي ﷺ حيسًا في قَعْبٍ (١)، فمر عمر فدعاه فأكل، فأصابت إصبعه إصبعي، فقال حسّ (٢) - أو أوه- لو أُطاع فيكن ما رأتكن عين، فنزل الحجاب» (٣).
وقد جمع الحافظ ﵀ بين هذه الروايا فقال: «... وطَرِيق الجَمع بَينها أَنَّ أَسباب نُزُول الحِجاب تَعَدَّدَت، وكانَت قِصَّة زَينَب آخِرها لِلنَّصِّ عَلَى قِصَّتها فِي الآيَة» (٤).
وقال الحافظ بعد ذكر حديث عائشة ﵀ آنف الذكر الذي أصابت أصبعه أصبعها فيه: «ويُمكِن الجَمع بِأَنَّ ذَلِكَ وقَعَ قَبلَ قِصَّة زَينَب، فَلِقُربِهِ مِنها أَطلَقت نُزُول الحِجاب بِهَذا السَّبَب، ولا مانِع مِن تَعَدُّد الأَسباب» (٥).
(١) القعب: القدح الضخم.
(٢) حس: كلمة يقولها الإنسان إذا أصابه ما مضّه وأحرقه غفلة كالجمرة والضربة ونحوهما. انظر: النهاية في غريب الحديث، ١/ ٣٨٥.
(٣) تفسير القرآن العظيم، ١١/ ٢٠٧.
(٤) فتح الباري، لابن حجر، ١/ ٢٤٩.
(٥) فتح الباري، لابن حجر، ٨/ ٥٣١.