يذكّرني طلوع الشّمس صخرا ... وأذكره بكلّ غروب شمس (١)
ولولا كثرة الباكين حولي ... على إخوانهم لقتلت نفسي
وما يبكون مثل أخي ولكن ... أعزّي النّفس عنه بالتّأسّي
٢٠٤ - الحنظلي:
لكلّ جديد لذّة غير أنّني ... رأيت جديد الموت غير لذيذ
٢٠٥ - قيل إنّ الرّئيس أبا عليّ بن سينا لما حضرته الوفاة قال له صهره أبو عليّ القرموي الصّوفي: اذكر ربّك. ففتح عينيه وقال: يا أبا علي، ومتى خلا قلبي من ذكر ربّي طرفة عين؟! ائتوني بسماع: أوتار وشبّابة. فاستدعوا لذلك، فقال: شدّوا طبقة لطيفة معتدلة وغنّوا بهذه الأبيات إلى أن تفارق روحي جسدي. وهي هذه:
هبت نسيم وصالكم سحرا ... بحدائق للشّوق في قلبي
فاهتزّ غصن الوصل من طرب ... وتناثرت درر من الحبّ
وغدت خيول الهجر شاردة ... مطرودة بعساكر القرب
وبدت شموس الوصل خارقة ... بشعاعها لسرادق الحجب
وبقيت لا شيئا أشاهده ... إلاّ أقول بأنّه ربّي
فغنّوه وهو ملقى بين أيديهم، وروحه تشرئبّ إلى مفارقة جسده، ثم أصرف (٢) أولاده ومن يصبو قلبه إليه، وبقي عنده صهره أبو عليّ فلمّا فارقت روحه جسده، قال عند ذلك: ربّ توفّني مؤمنا وألحقني بالصّالحين (٣).
_________
(١) قال الأصمعي: أرادت بطلوع الشمس للغارة، وبمغيبها للقرى.
٢٠٤ - البيت لضابئ بن الحارث البرجمى من بني تميم، جاء في الأغاني ٢/ ١٩٦: ولما حضرت الحطيئة الوفاة قال: أبلغوا أهل صابئ أنه شاعر حيث قال: لكل جديد. . .
(٢) هكذا ولعلها صرف أو استصرف.
(٣) إشارة إلى قوله تعالى: رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ اَلْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ اَلْأَحادِيثِ فاطِرَ اَلسَّماواتِ وَاَلْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي اَلدُّنْياوَاَلْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي -
1 / 80