١٧٣ - وقيل: خرج عمر بن عبد العزيز مع جماعة من أصحابه، فمرّ بالمقبرة فقال: قفوا حتّى أرى قبور الأحبّة. فلمّا توسطها، وقف فسلّم، وتكلّم وانصرف إلى أصحابه، فقال: ألا تسألوني ماذا قلت، وماذا قيل لي؟ فقالوا: ماذا؟ فقال: مررت بقبور الأحبّة، فسلّمت فلم يردّوا، ودعوت فلم يجيبوا، فبينما أنا كذلك إذ نوديت: يا عمر، أتعرفني؟ أنا الذي غيّر محاسن وجوههم [أنا] التّراب (١)، ومزّقت الأكفان عن جلودهم، وقطعت أيديهم، وابتتتّ [أكفهم] (٢) من سواعدهم. ثمّ بكى حتى كادت نفسه تطفأ. فو الله ما مضت الأيام حتّى لحق بهم.
١٧٤ - أبو العتاهية:
وعظتك أجداث صمت ... وبكتك ساكنة خفت
وتكلّمت عن أعظم ... تبلى وعن صور سبت
وأرتك قبرك في القبو ... ر وأنت حيّ لم تمت
١٧٥ - وحدّث الفضل بن الرّبيع (٣) قال: كنت مع المنصور في السّفرة
_________
١٧٣ - الخبر في مروج الذهب ٤/ ٢٠ (٢١٨٠).
(١) في المروج: ناداني التراب: يا عمر أتعرفني؟ أنا الذي غيّرت محاسن وجوههم، ومزّقت. . .
(٢) ما بين معقوفين من المروج.
١٧٤ - رواية الديوان صفحة ٧٨:
وعظتك أجداث خفت ... فيهن أجساد سبت
وتكلمت لك بالبلى ... منهن ألسنة صمت
ورواية الأصل توافق رواية المسعودي في مروج الذهب ٤/ ٢٢٢ (٢٥٤٢)، وأدب الغرباء ٥٦.
(٣) الفضل بن الربيع: وزير أديب حازم كان أبوه وزيرا للمنصور، واستحجبه المنصور، ولما آل الأمر إلى الرشيد واستوزر البرامكة كان الربيع من كبار خصومهم، وقيل: كانت نكبتهم على يديه، أقره الأمين على الوزارة، وعمل على مقاومة المأمون، ولما ظفر المأمون استتر الفضل، ثم عفا عنه المأمون، وأهمله، توفي سنة (٢٠٨).
1 / 67