187

Unknown

مقتطفات من السيرة

Регионы
Египет
إرهاصات النبوة
لما بلغ النبي ﷺ أربعين سنة كان قد حبب إليه الخلوة قبلها بسنوات، فكان يأتي غار حراء في شهر رمضان من كل سنة، فيأخذ الأكل والشرب ويذهب ليجلس وحده في غار حراء يتعبد، فينظر إلى السماء، وإلى الجبال، وإلى الأرض، ويتفكر في حال الأصنام التي لا تملك لنفسها ضرًا ولا نفعًا، ولذلك نزل عليه قول الله ﷿: ﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى﴾ [الضحى:٧]، فهل الرسول كان ضالًا؟! إن الضلال في اللغة قد يأتي بمعنى شدة الحب، ولذلك قال أولاد سيدنا يعقوب لأبيهم: ﴿تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ﴾ [يوسف:٩٥] يعنون الحب الذي كان ليوسف، فالضلال من درجات الحب، فالحب درجات، فمنه: العشق، والهيام، والصبابة، والجوى، إلى درجة الضلالة، والدرجة التي بعدها هي الجنون.
فالضلال شدة الحب، فكأن الله -والله أعلم- يريد أن يقول لحبيبه: ﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى﴾ [الضحى:٧] أي: وجدناك شديد الحب أو شديد التطلع لمعرفتنا أو شديد الحب لنا، فهديناك إلينا وعصمناك بنا، وليس المعنى أنه منحرف وبعيد عن الحق، لا، فما سجد لصنم قط، وما لعب مع الصبيان أبدًا، بل كان إذا أراد اللعب يسمع صوتًا يقول: ما لهذا خلقت يا محمد.

10 / 12