[63_2]
محضرك أو دارك وفناؤك، فإن ذلك كله مما يقبح ذكره، ويسوء موقع القول فيه، وتحمل عليك معاييبه، وينالك شينه وينتشر عليك سوء النبإ به، فأعرف ذلك متوقيا له، واحذره مجانبا لسوء عاقبته.
استكثر من فوائد الخير، فإنها تنشر المحمدة وتقيل العثرة، واصبر على كظم الغيظ، فإنه يورث الراحة، ويؤمن الساحة. وتعهد العامة بمعرفة دخلهم وتبطن أحوالهم، واستثارة دفائنهم، حتى تكون منها على رأي عين، ويقين خبرة، فتنعش عديمهم، وتجبر كسيرهم، وتقوم أودهم، وتعلم جاهلهم، وتستصلح حاسدهم،؛ فإن ذلك من فعلك بهم يورثك العزة؛ ويقدمك في الفضل، ويبقي لك لسان الصدق في العاقبة، ويحرز لك ثواب الآخرة؛ ويرد عليك عواطفهم المستنفرة منك، وقلوبهم المتنحية عنك.
قس بين منازل أهل الفضل في الدين والحجا والرأي والعقل والتدبير والصيت في العامة، وبين منازل أهل النقص في طبقات الفضل وأحواله، والخمول عند مباهاة النسب، وانظر بصحبة أيهم تنال من مودته الجميل، وتستجمع لك أقاويل العامة على التفضيل، وتبلغ درجة الشرف في أحوالك المتصرفة بك، فاعتمد عليهم من خلالهم في أمرك، وآثرهم بمجالستك لهم مستحقا منهم، وإياك وتضييعهم مفرطا، وإهمالهم مضيعا.
هنا انتهى الفصل الأول من هذه الرسالة وقد لمحنا فيها ما يهذب النفس، ويعرفها مصادر الأمور ومواردها، ويقفها على أحوال الناس ومعالجة مسائلهم، وقد ختمه بقوله: هذه جوامع خصها لك أمير المؤمنين مفسرا؛ وجمع لك شواذها مؤلفا، وأهداها إليك مرشدا، فقف عند أوامرها، وتناه عن زواجرها، وتثبت في مجامعها، وخذ بوثائق عراها، تسلم من معطب الردي، وتنل أنفس الحظوظ، ورغيب الشرف، وأعلى درجات الذكر، والله يسأل لك أمير المؤمنين حسن الإرشاد، وتتابع
Страница 63