سيد الأولمب غب انتصارهم وقبيل أوبتهم! لقد حنقت مينرفا على ولدي أتريوس إذ تنازعا، فقال قائل منهما: نضحي لربة العدالة عند سيف البحر تلقاء إليوم، ولكن الآخر أبى وأبحر على أن يقدم لها القرابين في آرجوس، يا للتعسين؛ أجاممنون البائس، ومنلوس المسكين! إنهما لم يصليا لمينرفا فحاق بهما غضبها، وعبثا حاولا بعد ذلك أن يترضياها، اختلف الأخوان ونام الجند حتى مطلع الفجر، ثم أقلع نصف الأسطول في موج ثائر مصطخب من غضب الآلهة بقيادة أجاممنون، وما هي إلا سويعات حتى هدأ اليم ونام الموج، وبلغنا تندوس فذبحنا الأضحيات باسم الآلهة، وسبحنا لرب البحار نبتيون فتطامن العباب، ولكنا ما كنا ندري ما تنسجه يد جوف
6
حولنا، بل لم يكن يخامرنا أقل شك في وصولنا إلى الوطن سالمين؛ ذلك أن أوجه النظر اختلفت ثمة، ونشب بين القادة نزاع في الرأي؛ هل يقلعون من تندوس؟ أو يتلبثون بها حتى تنجلي العاصفة التي شرعت تهب في عنفوان وشدة؟ وهنا آثر ملاحو أبيك أن يعودوا أدراجهم بسفائنهم إلى طروادة؛ وذلك مجاملة للقائد العام، بيد أني لم أر هذا الرأي، بل فررت من العاصفة بسفائني إلى جزيرة لسبوس ولحق بنا ديوميد، ثم وصل منلوس في أثره وأرسينا ثمة، وانتظرنا إذنا من السماء، أو قل بارقة من الآلهة، نقلع بعدها. وكانت العاصفة تشتد وترقص فوقنا ومن تحت أساطيلنا، فلم نر بدا من المجازفة وإلا تكسرت جوارينا على الصخور وفوق الأواذي. يا للهول! لقد بلغت قلوبنا الحناجر قبل أن نصل إلى جيريستوس، حمدا لك يا نبتيون وثناء عليك، وقل أن نذبح باسمك ألف قربان من كل عجل جسد وكبش حنيذ، ولقد فاز ديوميد فوصل بجنوده سالما على آرجوس، وكذلك فاز الجبابرة الميرميدون، جنود أخيل، بقيادة شبله العظيم نيو بتوليموس، فوصلوا إلى أوطانهم غانمين، ووصل من بعدهم فيلوكتيتيس، كذلك وصل أجاممنون وليته لم يصل، لا ريب أنك سمعت بما حاق به، لقد قتله المجرم إيجستوس،
7
ولكنه دفع روحه ثمنا لفعلته، إن العيش لم يطب لابن أجاممنون حتى ثأر لأبيه، فانقض كالصاعقة على قاتله وغاله بيده، يا للفخار أيها الصديق الشاب حيني، تنتقم لأبيك فتسجل اسمك في سجل الخالدين!»
وشاع العجب في نفس تليماك، فقال: «ويك نسطور! إنه سيكون انتقاما عادلا بحق السماء، وستتغنى الأجيال القادمة بقصته، وسيرويه الخلف عن السلف كم ذا وددت لو مكنت لي الآلهة في أعناق هذه العصبة الفاجرة من العشاق الآثمين الذين يدلون علي بعددهم وعددهم، والذين يقذفون في وجهي بالإهانة تلي الإهانة. وا أسفاه! ليت شعري لم لا تؤيد الآلهة حقي على باطلهم؟ لقد نفد اصطباري وكلت حيلتي، فماذا أعمل؟»
وقال نسطور: «أيها الصديق، لقد أذكرت مني غافلا. ويحك تليماك! لقد تناقل الناس ما كان من حماقة هذه الطغمة التي تستبيح عرض أوديسيوس وتستنزف ثروته، ولكن من يدري هل أمنوا أن يعود يوما فيستأصل شأفتهم ويديل منهم وتكون له الكرة عليهم؟ لقد كان أبوك العظيم حبيب مينرفا وصفيها، وهي لا بد آخذة بناصرك كما أخذت بناصره من قبل، وهي لا بد مدركتك وشيكا، وحائلة بين أعدائك وأعداء أبيك، وبين هذه الزيجة المجرمة.»
ويجيب تليماك: «ألا من يدري؟ إنه لا أمل في ذلك قط، آه أيتها الأحاسيس الغريبة التي تجيش في قلبي! الآلهة فقط هي القادرة على تحقيقك بمعجزة.»
تفرق القوم وأهرع العشاق.
وهنا حدجته مينرفا بنظرة هائلة من عينيها الزبرجديتين، وقالت له: «تليماك! أية كلمة هائلة زل بها لسانك؟ ما أيسر على الآلهة أن تقول للمستحيل: كن فيكون! أنا نفسي كم تجشمت أهوالا في أسفاري ثم عدت بعناية أربابي سالما إلى أرض الوطن! بل كم من أناس ظنوا أنهم نجوا من الموت في يوم غشيهم بموج كالظلل، فلما وصلوا إلى البر حاقت بهم مناياهم كما حاقت به منيته أجاممنون، حين خر صريعا بيد إيجستوس الأثيم ويد زوجه الملكة
Неизвестная страница