تيليماخوس يركب البحر في رحلته الغامضة
ما إن قال هذا، حتى قاد الطريق، وذهب الجميع معه، فأحضروا المؤن، وخزنوا كل شيء في السفينة المكينة المقاعد، كما أمرهم ابن أوديسيوس العزيز، ثم اعتلى تيليماخوس ظهر السفينة، وذهبت أثينا أمامه وجلست في كوثل المركب. وجلس تيليماخوس إلى جانبها، بينما انبرى الرجال يحلون الحبال عن كوثل السفينة، ثم ذهبوا إلى ظهرها، وجلسوا فوق مقاعدها. وعندئذ أرسلت لهم أثينا البراقة العينين، ريحا مواتية، أرسلت ريحا غربية شديدة الهبوب، راحت تزمجر فوق البحر القاتم كالخمر. ونادى تيليماخوس رجاله، وأمرهم بأن يمسكوا حبال السفينة، فلبوا أمره، فرفعوا الصاري المصنوع من خشب الصفصاف، وثبتوه في الفتحة الواسعة، بدعامات أمامية، وعلقوا الشراع الأبيض بحبال مجدولة من جلود الثيران، فملأت الرياح بطن الشراع، وزمجرت اللجة القائمة عاليا حول جؤجؤ السفينة وهي تمضي، فأسرعت السفينة تشق طريقها. وبعد أن انتهوا من تثبيت الحبال في السفينة السوداء السريعة، وضعوا الطاسات مملوءة حتى حافاتها بالصهباء، وسكبوا السكائب للآلهة الخالدين السرمديين، وفي مقدمتهم ابنة زوس النجلاء العينين؛ ومن ثم أخذت السفينة تسير في طريقها الليل بطوله، وطول الفجر.
الأنشودة الثالثة
تيليماخوس يصل إلى بولوس
ما إن تركت الشمس الأفق البديع، حتى ارتفعت في السماء البرونزية، لتهب الضوء للخالدين والبشر على سطح الأرض، مانحة الحب، فوصلوا إلى بولوس، قلعة نيليوس
Neleus
المتينة البناء. وهنا كان القوم فوق شاطئ البحر يقدمون ذبيحة من الثيران السوداء إلى مزلزل الأرض
1
الأدكن الشعور. كان هناك تسع جماعات، يجلس في كل جماعة خمسمائة رجل، وتمسك كل منها بتسعة ثيران معدة للذبح. وعندما فرغوا من تذوق الأجزاء الداخلية، وكانوا يحرقون قطع الأفخاذ للإله، نزل الآخرون فورا إلى البر، ورفعوا شراع السفينة الجميلة وطووه، وأرسوها، ثم غادروها. كذلك خرج تيليماخوس من السفينة، وقادت أثينا الطريق، وتكلمت إليه الربة، أثينا ذات العينين البراقتين، أولا، فقالت: «أي تيليماخوس، لا داعي بعد الآن إلى الخجل قط؛ فقد أقلعت عبر البحر بقصد البحث عن أخبار أبيك، أين طوته الأرض، وأي مصير لاقى. هلم الآن، وانطلق فورا إلى نسطور مستأنس الجياد. دعنا نسأله عن الأخبار التي يحتفظ بها في مكنون صدره. عليك أن تتوسل إليه بنفسك كي يخبرك عن الحقيقة كلها. إنه لا يقول كذبا على الإطلاق؛ لأنه رجل عاقل حقا.»
وألبسته بولوكاستي عباءة جميلة ومعطفا.
Неизвестная страница