Арабские писатели в эпоху Аббасидов
أدباء العرب في الأعصر العباسية
Жанры
ولسنا نحاول أن ندفع هذه التهمة عن الوليد؛ فإنه لم يكن بريئا من التهتك والشك، ولكننا نعتقد أنه لم يكن شر بني قومه، ولولا ولاية العهد واضطهاد هشام له، ثم انتقامه من ابني هشام بضربه أحدهما وحبسه الآخر؛ لما كره الناس حكمه وثاروا به وقتلوه، ولكن السياسة صورته لهم جبارا عنيدا، يمزق القرآن، ويستهتر بالفجور، ويغتسل بالخمر، وصورت ابني هشام ضحيتين بريئتين، يطغى عليهما الفاسق بالحبس والتعذيب.
وليس من غرضنا أن نتبسط في الكلام على الوليد وقتله، وإنما نريد أن نظهر ما جر نظام ولاية العهد من النكبات على بني أمية؛ فإنه رمى بينهم الشقاق فتفرقت كلمتهم، وكان مقتل الوليد شؤما عليهم، وسببا قويا لسقوطهم؛ لأن الناس طمعوا فيهم واجترأوا عليهم، فأخذوا يثيرون بعضهم على بعض ليزيدوهم ضغينة واختلافا، فلم يقم خليفة بعد الوليد إلا خرج عليه بعض أبناء عمه، وحاربوه ونازعوه الإمامة؛ فأصبحت البلاد في أواخر العصر الأموي ميدانا للحروب والثورات.
فيتضح مما تقدم أن عدة أسباب تواطأت على إضعاف سلطان أمية؛ فمن إمعان في اللهو والترف، إلى غفلة وإهمال في أولي الأمر، إلى شقاق واختلاف في الأسرة الأموية، إلى اتفاق الأحزاب المختلفة على إزالة هذا الملك الضخم؛ فالخوارج يرون أن الحكم لله لا للناس، والشعوبية يطلبون الخلاص من بني أمية لعل في تغير السلطان راحة لهم وفرجا، والعلويون يبثون الدعوة لأنفسهم، والعباسيون يسايرونهم في بثها ليستغلوها منهم بعد حين.
وقد رأيت أن قول الأموي في زوال ملكهم - اختلاف فيما بيننا واجتماع المختلفين علينا - يكاد يختصر أسباب الضعف كلها في البيت المالك. (5) الدعوة العلوية
ذكرنا في الكتاب الأول أن الحسن بن علي نزل عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان؛ نفورا من الحرب، وابتغاء لحقن الدماء، غير أن هذا النزول لم يرق الشيعة العلوية فقابلته بالسخط، ولكن لم يكن لها قبل بمعاوية، فصبرت كارهة على أمل أن يعود الأمر من بعده إلى أهل البيت، وشد ما كانت خيبتها لما أوصى معاوية بالملك إلى ابنه يزيد، جاعلا الخلافة وراثة بعد أن كانت شورى.
وما استخلف يزيد حتى نشط العلويون في الكوفة وبايعوا الحسين بن علي، فحاربه يزيد وقتل في كربلاء، فاستفظع الناس مقتل ابن بنت الرسول، ونشأ على إثره الحزب الزبيري يريد نزع السلطان من يد الأمويين، وازداد الشيعيون حماسة وتعصبا لعلي وأبنائه، ونقمة على بني أمية، ولكنهم انقسموا فرقا؛ فبايعت الشيعة الكيسانية
4
محمد بن الحنفية
5
وجعلته إمامها، ثم توفي محمد بن الحنفية، فانتقلت الإمامة إلى ابنه عبد الله أبي هاشم وكان عالما جليلا، فوفد يوما على سليمان بن عبد الملك وهو خليفة، فرأى منه سليمان فصاحة وقوة وعلما وعقلا فخافه؛ لعلمه بطمعه في الخلافة، فأرسل إليه من يدس له السم في أثناء رجوعه إلى المدينة، فلما شعر أبو هاشم بالسم وهو في بعض الطريق عرج على الحميمة،
Неизвестная страница