Арабские писатели в эпоху Аббасидов
أدباء العرب في الأعصر العباسية
Жанры
وسنحاول أن ندرس في هذا البحث خصائصه في مختلف الأنواع الشعرية على قدر ما تبيح لنا آثاره الباقية.
الهجاء
لم يكن في أخلاق بشار وصفاته ما يحبب الناس إليه، فيصون لسانه عن ثلبهم وتشهيرهم، ولا بد لمثله أن يكون بغيضا مقيتا، وأن يكثر أعداؤه فيتناولوه بألسنتهم، وأن يقوم فيهم شعراء يقارضونه الهجاء.
وغير عجيب أن يكون هذا الهجاء فاحشا مقذعا، فإن أخلاق بشار لا تستنكره، وأخلاق عصره لا تتأباه، وقد ترك جرير والفرزدق من إقذاعهما إرثا عظيما لمن جاء بعدهما من الشعراء؛ فأنفقوا منه عن سعة.
وكان بشار شديد الإعجاب بجرير، فلا بدع أن يتعهر مثله في الهجاء، ويزيد عليه تفننا في استنباط المعاني الفاحشة، يستمدها من الحضارة الجديدة، وتبدل المكان والزمان.
على أن غاية جرير من الهجاء تختلف عن غاية بشار؛ فجرير كان يصطنعه ليرد على خصومه الشعراء، وأما بشار فإنه مال إليه بطبعه الفاسق الفاجر، ثم بكرهه للناس واحتقاره إياهم، ثم بحبه للتكسب فعل الحطيئة قبله.
وهو في هجوه صادق لا يتكلفه تكلفا وإن تاجر به وتكسب؛ فعاطفة البغض مسيطرة عليه في كل حال، وقد سئل: «إنك لكثير الهجاء!» فقال: «إني وجدت الهجاء المؤلم آخذ بضبع
32
الشاعر من المديح الرائع، ومن أراد من الشعراء أن يكرم في دهر اللئام على المديح فليستعد للفقر، وإلا فليبالغ في الهجاء ليخاف فيعطى.»
وكان يصب هجاءه على كرام الناس الذين يضنون بأعراضهم أن تخرق؛ فيشترونها منه بالمال، فيسكت عنهم أو يمدحهم إذا أجزلوا له العطاء.
Неизвестная страница