Классическое наследие: Очень короткое введение
التراث الكلاسيكي: مقدمة قصيرة جدا
Жанры
قصة القوة الخارقة
من قبيل المفارقة أن قصائد فرجيل المبكرة عن أركاديا لم تكن لتحظى بتلك المكانة الكلاسيكية في روما لو لم يكن مؤلفها قد عاش ليكتب بعدها الملحمة الوطنية العظيمة؛ ففي عمله الرائد «الإنياذة»، خاطب فرجيل العالم الروماني للإمبراطور الأول أغسطس، الذي حكم بين عامي 31 قبل الميلاد حتى وفاته عام 14 ميلادية (وحينها على الفور أعلن مجلس الشيوخ أنه في مصاف الآلهة). لقد كان عالما في خضم حراك سياسي ثوري، خرج للتو من سنوات من الحرب الأهلية وكان يعتاد بالكاد على فكرة أن نظامه الجمهوري التقليدي للحكم انهار بشكل جلي، وأن مستقبل روما كان مع الأوتوقراطية الإمبراطورية. ومنذ ذلك الوقت فصاعدا لم تكن السلطة الفاعلة ستستقر في أيدي نواب الدولة المنتخبين، أو العائلات الأرستقراطية الكبيرة التي تقاسمت السيطرة على الدولة منذ أبد الآبدين فيما بينها، وإنما سيكون في حوزة إمبراطور واحد، وسلالته الحاكمة.
يتحدث فرجيل إلى عالمه عن طريق إعادة حكي قصة معروفة تماما ترجع وفقها أصول مدينة روما إلى الميثولوجيا الإغريقية، وفيها يؤدي هروب قلة من الطرواديين، عبر سلسلة من المغامرات والكوارث في البر والبحر، إلى تأسيس مدينة روما. في قصيدة فرجيل كل المغامرات والانتصارات والكوارث التاريخية اللاحقة التي مرت ب «المدينة الخالدة» على مدار القرون يبشر بها في سرد الرحلة من طروادة إلى روما، وفي الصراع من أجل تأسيس المدينة. وعلى وجه الخصوص، ترسم القصيدة شكل البطل المؤسس للمدينة، إنياس، بوصفه سلف الإمبراطور أغسطس والنموذج الذي احتذاه.
إن إنياس إذن يقع في قلب أسطورة عظمى عن المدن والسياسات والحرب التي حاول شعر فرجيل تحديدا ألا يتحدث عنها. وحين يحضر فرجيل إنياس، الذي رسا في إيطاليا، إلى الموقع المستقبلي لروما، فإنه يجعله يصل في الذكرى السنوية لزائر آخر؛ هرقل، الذي تخلص بطريقته المعهودة من وحش محلي وأسس مزارا (يطلق عليه «المذبح الأعظم»)، تقام فيه الطقوس إلى الأبد. كان معاصرو فرجيل يعلمون أن أغسطس نفسه عاد إلى روما في هذا اليوم تحديدا، كي يحتفل بانتصاره الحاسم، وبهزيمة ماركوس أنطونيوس (إلى جانب كليوباترا، الملكة المصرية)، الذي منح أغسطس السيطرة على العالم الروماني بأسره. وبهذه الطريقة يجمع فرجيل بين هرقل وإنياس وأغسطس، ويخلق الرؤية الكلاسيكية عن السلطة والقيادة في روما.
ومع ذلك، حتى في «الإنياذة» يشدد فرجيل على فكرة أن أركاديا لا يزال لها دور تلعبه في تصور روما. يتم الترحيب بإنياس ويمنح جولة رفقة مرشد عبر التلال السبعة التي ستشيد بها روما على يد الملك إيفاندر، الذي استقر على الموقع المستقبلي لروما بعد أن فر من بلده الأم؛ أركاديا. بعبارة أخرى، في أصول «المدينة الخالدة» ذاتها لن تجد فقط الدم الطروادي، ولكن ستجد أيضا مهاجرين من أركاديا نفسها ضربوا جذروهم بالفعل في المنطقة. هذه هي «أركاديا» التي ستوجد دائما «في قلب» روما. فرغم كل القوة العسكرية المترسخة داخل إنياس وأحفاده، ورغم كل الظروف القاهرة التي جعلت الرومان دائما يحاربون متى لزم الأمر، فإن جزءا من هذه الظروف القاهرة (كما يقول فرجيل ضمنا) هو حماية البراءة «الأركادية» الهشة للأحباب داخل المنزل والوطن، المدينة والمواطنين؛ أي «أركاديا التي في داخلنا».
حفزت أسطورة فرجيل عن تأسيس روما كل أنواع ردود الفعل. احتفى الفاشيون، بقيادة موسوليني، بأفكاره في دعايتهم السياسية، بينما صورت رواية هيرمان بوش العظيمة المناهضة للنازية، «موت فرجيل»، فرجيل نادما على محاولته كتابة القصيدة، وفي حسرة الندم يخشى فرجيل أن تكون قصيدته قد خدمت وحسب القمع الأوتوقراطي ويتمنى لو أحرقت رائعته. يشعر فرجيل أيضا أن العالم في نقطة تحول محورية، وأن عمله لن يفعل شيئا سوى إخفائها. كما ذكرنا في الفصل السادس، كان فرجيل في نظر دانتي يتمتع بروح «مسيحية طبيعية». والقراء مكلفون بتحويل هذا الإحساس بنقطة التحول في تاريخ العالم بوصفه نبوءة للمسيحية، التي وصلت بعد وفاة فرجيل بأكثر من جيل في عام 19 قبل الميلاد. بعبارة أخرى، كانت المسيحية موجودة في مركز عالم وثني لم يستطع تقدير بداية الثورة التي ستطيح في نهاية المطاف بالإمبراطورية الرومانية، وتمنح الغرب الإطار الزمني الذي يستخدمه للحديث عن الأحداث على صورة قبل وبعد؛ أي قبل الميلاد وبعد الميلاد. وعلينا ألا ننسى أن المسيح هو أبرز منتسب إلى الإمبراطورية الرومانية على الإطلاق.
متعة لكل أفراد العائلة
شكل 9-1: بن هور على خشبة المسرح: ملصق «إنتاج كلاو وإرلانجر الضخم» (1901).
وجدت الروايات والأفلام السينمائية الحديثة في مولد المسيح أحد أكبر المحفزات لسبر أغوار العالم الروماني؛ فالصراع بين الوثنية الرومانية وبين المسيحية هو أمر محوري في الصور الشعبية الواسعة النطاق للتراث الكلاسيكي. ويعد الفيلم الملحمي الذي حقق نجاحا عريضا «بن هور» (وأكثر نسخه شهرة هي النسخة التي قام ببطولتها تشارلتون هيستون عام 1959، بما فيها من سباق عربات قاتل) مثالا جيدا على سلطة هذا الموضوع واستمراريته (انظر الشكل
9-1 ). بدأ الموضوع على صورة رواية نشرت عام 1880، وكان عنوانها الفرعي «حكاية المسيح»، والتي روت قصة المسيح بالأساس من خلال عيني يهودي يدعى يهودا بن هور، الذي يعتنق المسيحية في نهاية المطاف. لكن مع مرور الرواية بالعديد من التعديلات كي تلائم العرض على خشبة المسرح وشاشة السينما (كانت هناك نسخة أخرى من الفيلم سابقة على نسخة تشارلتون هيستون الرائعة) صار يتم تقديمها على نحو متزايد بوصفها قصة للصدام بين السلطة الدنيوية للدولة الرومانية والمتمردين من المسيحيين الجدد، الذين ينشرون «تحريضهم» انطلاقا من منطقة يهودا النائية وصولا إلى المراكز العظمى للإمبراطورية. كان سيناريو محركا للمشاعر، يستطيع من خلاله الجمهور أن يجد تعبيرا رمزيا عن السلطة في العالم الحديث، إضافة إلى ذلك - بحلول عام 1959 - يجد مشاهد ملحمية ضخمة، تبرز من خلالها الجوانب المثيرة للحضارة - الشبيهة بشكل مهدد لجوانب حضارتنا ومع ذلك مختلفة عنها اختلافا كبيرا - على نحو منذر بالخطر من بين سباقات العربات الحربية والإعدامات السادية، وحفلات المجون المذهلة، والصراع الدموي بين المجالدين، وأفعال التنسك المتواضعة، وأفعال الاضطهاد المرعبة.
Неизвестная страница