وجرت العادة بعد ذلك أن يصدر الباي مرسوما ملكيا، يعين به كل مقيم عام جديد وزيرا للخارجية.
وأعطت فرنسا لنفسها الحق في التدخل بصفة مستمرة في شئون تونس المالية بدعوى الدفاع عن أصحاب القروض، كما جاء في البند السابع من المعاهدة والذي تعتبره فرنسا في المكان الأول من الأهمية: «تحتفظ دولة الجمهورية الفرنسية ودولة سمو الباي لنفسها بحق الاتفاق على وضع نظام مالي بالمملكة التونسية، من شأنه الوفاء بواجبات الدين العام وضمان حقوق دائني المملكة.»
وأكبر دليل على أن ما أدخل من فوضى على مالية تونس كان مصطنعا قبل الحماية وكان لفرنسا الدور الرئيسي فيه، هو أن موازنة تونس كانت معتدلة، بل كانت فيها فواضل كبيرة عامين بعد الحماية.
ولم تغير فرنسا سياستها المالية هادفة دوما إلى إغراق تونس بديون لا طاقة لها بها؛ لكي تكبلها نهائيا بقيود يعسر التخلص منها، فتبقى دائما مستعمرة ماليا وإن تحررت يوما من الأيام سياسيا.
إن معاهدة 1881 لم تفقد تونس جوهر سيادتها التامة، بل حرمتها من مباشرة بعض مظاهر تلك السيادة فقط، وبقيت الدولة التونسية كاملة الذاتية كما كانت قبل المعاهدة التي أبرمت بين دولتين كاملتي السيادة مستقلتين، فأكد هكذا وجود دولة تونسية. وقد نصت المعاهدة مرارا على وجود حكومة تونسية وبينت اعتراف فرنسا نفسها بتونس كدولة لها نظامها الدولي الشرعي، وإن نص المعاهدة يقضي بأنها مؤقتة غير أبدية كما ادعت فرنسا ذلك فيما بعد؛ إذ تنص الفقرة الثانية من بنده الثاني على انتهاء الحماية:
ويزول هذا الاحتلال عندما تتفق السلطات الحربية - الفرنسية والتونسية - وتقرر معا أن الإدارة المحلية قد أصبحت قادرة على المحافظة على استتباب الأمن العام.
ومن ناحية أخرى فإنا نجد تلك المعاهدة أبقت السيادة الخارجية وحق ممارستها لملك تونس؛ إذ ينص بندها السادس على «أن سمو الباي يلتزم بألا يعقد أي عقد ذي صبغة دولية بدون إعلام فرنسا ...» وهذا ما يؤيد محافظة الأمير على حقه في إبرام المعاهدات مع الدول الأجنبية.
وينبغي أن نلاحظ هنا أن حماية فرنسا لتونس ذات صبغة دولية واضحة وليست حماية استعمارية؛ ولذا كانت العلاقات بين المحمية والحامية عن طريق وزارة الشئون الخارجية الفرنسية. وقد بين رجال القانون الفرنسيون ذلك، كما اعترفت به المحاكم الفرنسية نفسها.
فقد قرر ديبانييه
Despagnet
Неизвестная страница