فَكِلَا الْفَرِيقَيْنِ لَمْ يُوَقِّتْ فِي مَبْلَغِ ذَلِكَ الْمَاءِ وَقْتًا، وَأَمَّا أَهْلُ الْعِرَاقِ مِنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ فَيَذْهَبُونَ فِيهِ إِلَى التَّوْقِيتِ فَجَعَلُوا الْحَدَّ الْمُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا اضْطِرَابُ الْمَاءِ وَتَحَرُّكُهُ، فَقَالُوا: مَا كَانَ مِنْهُ إِذَا حَرَّكْتَ نَاحِيَتَهُ فَلَمْ يَبْلُغْ بِهِ التَّحَرُّكُ النَّاحِيَةَ الْأُخْرَى وَقَصُرَ عَنْ ذَلِكَ فَهُوَ عِنْدَهُمُ الَّذِي لَا يَنْجُسُ قَالُوا: فَإِنْ بَلَغَ بِهِ ذَلِكَ التَّحَرُّكُ إِلَى أَقْصَاهُ فَهُوَ الَّذِي تُنَجِّسُهُ الْأَقْذَارُ. وَحُجَّتُهُمْ فِيمَا يُرَى: أَنَّ الَّذِي يَلْحَقُ بَعْضُهُ بَعْضًا فِي التَّحْرِيكِ ضَعِيفٌ تَمْتَزِجُ بِهِ النَّجَاسَةُ، وَأَنَّهُ إِذَا اتَّسَعَ حَتَّى تَبْعُدَ أَطْرَافُهُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ، وَلَا يَتَلَاحَقُ فَإِنَّ الْأَنْجَاسَ لَا تَمْتَزِجُ بِهِ، وَلَا تَقْوَى عَلَيْهِ. وَأَمَّا أَهْلُ الْحِجَازِ فَإِنَّ الْعَامَّةَ كَانُوا يَحْكُونَ عَنْهُمُ التَّوَسُّعَ فِيهِ نَحْوَ مَا رَوَيْنَا فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ، أَنَّهُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ، وَرَأَيْنَاهُمْ، أَوْ مَنْ رَأَيْنَا مِنْهُمْ،