261

Тухфат Асмак

تحفة الأسماع والأبصار

ولما كان بعد مضي ستة أيام من حين وصولنا، طلب الملك وصولنا إليه، وأمرنا نقلل من الجماعة المصاحبين، ففهمنا أنه يريد ذلك الموقف الذي يكون فيه كشف السر الذي إليه يساق الحديث، فتوجهنا إليه وصحبنا من جماعتنا غير أنهم بعد وصولهم حضرة الملك خرجوا من عندنا، ووقفوا في حجرة الدار، ولم يبق في حضرة الملك من وزرائه غير ثلاثة منهم من كبارهم، لم يخرجوا من حضرته وبقية الوزارء والأعيان متوارون عنا يسيرا، وهم يتطلعون إلى سماع ما يقال من الحديث، وليس هناك احتراس على حفظ الأسرار، وصيانتها عن الإعلان والإظهار، وأمر الملك الحاج سالما رسوله المقدم ذكره أن يترجم عنه وعنا في ذلك الموقف، وأفاض إلينا من مكنون سره، وأعلن بما كان أضمره حتى أتى على آخره[89/ب] والمراد منا هو استيداع ذلك الحديث وحفظه عن الإذاعة، والحرص عليه من الإضاعة، حتى نبلغه عن صفته إلى مولانا أمير المؤمنين-أطال الله له الأيام والسنين - وجوابه ليس مطلوبا منا كما ذلك معروف من سياق مبادئ الأخبار، غير أنا جاريناه في ذلك المقام بما يليق بالحال من ترويج الكلام، وتلقي ذلك الحديث بالإكرام التام، وختمنا ذلك المجلس بأخذ الحقيقة من الملك لما سألناه عن ذلك الحديث، أهو الذي استدعى وصولنا إليه من أجله؟ فقال: نعم! هو هذا بعينه، وهو أمر عظيم لا يصونه إلا مثلكم، فقلنا: هل بقي في نفوسكم شيء؟ فهذا الموقف الحسن ما تستقضي فيه الأخبار، وتباح فيه مستودعات الأسرار؟ فقال: هو هذا، ولم يبق غيره مما نريد نحن وصولكم إلينا من أجله، فانصرفنا من مجلسه ذلك وأخذنا نتصفح أحواله، وهل نجد سبيلا إلى الخوض في ذلك الأمر الذي هو غاية الأمل، وقصارى الأرب، فلم نجد في تلك الدار لذلك النداء عريبا، ولا من يكون له مجيبا، فكنا نحن وإياه كما قيل: إنك في واد، ولكم بين مريد ومراد، فأعرضنا عنه صفحا، وسدلنا دونه ثوبا، وطوينا عنه كشحا، ثم إنه وصل إلينا عقيب وصولنا حضرة الملك رسول من بعض تجار اليمن بجهة مسوع يرفع ما نريده من أخبار اليمن، وأحوال إمامنا، وانتظام أمور سادتنا -أيدهم الله بعزيز نصره- فسرنا ذلك غاية المسرة، وحمدنا الله عز وجل على تلك الأخبار الصالحة التي هي للعين قرة، ثم أنا سارعنا بتحقيق الأخبار إلى مولانا أمير المؤمنين -أطال الله له الأيام والسنين- ورأينا من أهم الأمور، وأولى ما يزحزح به حرج الصدور، تعريف مولانا أمير المؤمنين -أيده الله تعالى- بأنا نريد الخروج من مسوع وأنه- حفظه الله تعالى- يكتب إلى باشا الأتراك هنالك من يستأمن لنا منه، وأن العود من هذه الطريق التي دخلنا منها غير ممكن ولا سبيل إليه، ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، ففصلنا إلى مولانا -أيده الله تعالى- كتابا جازما بذلك.

Страница 391