ومن ذلك قوله تعالى في سورة " المؤمنين ": (هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (٣٦)
قرئ بفتح التاء فيهما، وضمّها، وكسرها، وقرىء
بالتنوين مع كل واحد منهما:
فأما قراءة الفتح دون التنوين فقرأ بها السبعة، وهي لغة أهل الحجاز.
ووجهها أنها بُنيت لوقوعها موقع الفعل الماضي وهو " بَعُد ". وقيل: بُنيت
لأنها تعطي معنى الجملة، وذلك أنّك إذا قلت: جاء زيد، فقيل لك:
هيهات، فمعناه: لم يجِىء زيد، والجمل من حيث هي مبنتة، فيبنى ما
يعطى معناها، قاله ابن النحويّة. وبني على حركة لالتقاء الساكنين.
وكانت الحركة فتحة طلبًا للخفّة.
وكان أبو على يتردّدُ في " هيهات " إذا كانت مفتوحة، فتارة يقول: إنّها
مبنيّة على الفتح كما تقدم، وتارة يقول: إنّها منصوبة على الظرف، وهي
غير منصرفة للتأنيث والتعريف، " بُكرة " من يومٍ بعينه. فعلى هذا إذا
قلت: هيهات زيد، احتمل أن يكون زيد مرفوعًا بـ (هيهات) على مذهب
من يرفع الفاعل بالظرف من غير اعتماد، واحتمل أن يكون هيهات خبرًا
مقدمًا نحو: عندك زيد.
1 / 45