84

تحفة الخلان في أحكام الأذان

تحفة الخلان في أحكام الأذان

Редактор

محمود محمد صقر الكبش

Издатель

مكتب الشؤون الفنية

Номер издания

الثانية

Год публикации

1431 AH

والمشورةُ مندوبةٌ لمدحِهِ تعالى للأنصارِ بقولِهِ: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾ [الشورى: ٣٨]، وقولِهِ: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ [آل عمران: ١٥٩]، فكانتْ واجبةً في حقِّه صلى الله عليه وسلم معَ حُسنِ رأيِهِ، وكمالِ عقلِهِ، ونور قلبِهِ، فما بالك بغيرِهِ ممَّن لم تكمُلْ صفاتُهُ.

واختلفَ أهلُ التَّأويلِ في أمرِهِ بالمشاورةِ على ثلاثةِ أوجهٍ:

أحدها: أنَّهُ أمرَهُ ليتبيَّنَ لَهُ الرأيُّ الصحيحُ فيعملُ بِهِ، وهذا قولُ الحسنِ.

الثانى: أنَّهُ أمرَهُ بالمشاورةِ لِما علمَ فيها منَ الفضلِ، وهذا قولُ الضَّحَّاك.

الثالث: أنَّهُ أمرَهُ بالمشاورةِ ليستَنَّ بِهِ المسلمونَ، وأنَّهُ في غنى عنهمْ، وهو قولُ سفيانَ.

قال الشيخُ الشاذليُّ: «العقلُ أربعةٌ وعشرونَ قيراطاً، فقد أُعْطِيَ صلى الله عليه وسلم منها ثلاثةٌ وعشرونَ، وبقي قيراطٌ في الأمَّةِ، فأمرَهُ اللهُ تعالى أن يشاورَهم؛ ليشاركُهُم فيه، لِيُحِيطَ بجميعِهِ، فلا يشذُّ عنه شيءٌ».

قال الإمامُ عليٌّ كَرَّم اللهُ وجهَهُ: «المشاورةُ حِصنٌ من النَّدامةِ، وأمنٌ من الملامَةِ»(١).

(١) انظر: فيض القدير (١/ ٢٨٥).

84