فإن قبل الله قربانها ... فسبحان ربك ما أعدلا!
الباب السابع
في ذكر من استهدى شيئا فمنع منه أو مطل به فذم واستبطأ بشعر
حدثنا أبو الفرج قدامة بن جعفر قال: حدثني أبي قال: أهدى أبو جعفر بن سطام إلى إبراهيم بن عيسى الزمن حمارا فلم يحمده، فكتب إلى أبي جعفر يذم الحمار ويعرض بأبي الصقر بن بلبل، وكان يعاديه:
قل "لأبي جعفر" في عيركم ... خمس خلال من "أبي الصقر"
مبلد يغمز من حقوه ... مع رقة الحافر والظهر
فامنن لهذا العير يا سيدي ... بقوته للشهر والدهر
فوقع: ليطلق له العلف في كل شهر. قال: فتأخر في بعض الشهور، وكان في شهر رمضان، فكتب إلى أبي جعفر:
يا "أبا جعفر" بعيشك هل أب ... صرت عيرا يصوم شهر الصيام
جاءني الصك للحمار ولكن ... لم أحصل سوى استماع الكلام
فعلى حسب ذاك سوف أجازي ... ك وآتيك شاكرا في المنام
فأمر أن يسلف لعشر سنين.
واستهدى الحمدوي البصري من أحمد بن حرب طيلسانا لم يرضه، فعمل فيه شعرا كثيرا مشهورا عند الناس، نحن نذكر شيئا منه:
يا بن حرب كسوتني طيلسانا ... مل من صحبة الزمان وصدا
قد حسبنا نسج العناكب فيه ... قيس من نسج طيلسانك سدا
إن تنحنحت فيه ينخر عشرا ... أو تنفست نحوه انقد قدا
طال ترداده إلى الرفو حتى ... لو بعثناه وحده لتهدى
ومن مشهور قوله فيه أيضا، وقد روى بعض هذه القطعة لعبد الصمد بن المعذل في خبر ليس ها هنا موضعه، وهي:
طيلسان لو كان لفظا إذا ما ... شك خلق في أنه بهتان
فهو كالطور إذ تجلى له الل ... هـ فهدت قواه والأركان
يا بن حرب فكيف يبقى على البذ ... لة ثوب يذوب وهو يصان
يا بن حرب لقد رفوناه حتى بقى الرفو وانقضى الطيلسان
وفيه قوله أيضا:
يا بن حرب إني أرى في زوايا ... بيتنا مثل ما كسوت جماعة
طيلسان رفوته ورفوت الر ... فو منه وقد رقعت رقاعة
فأطاع البلى فصار خليعا ... ليس يعطى الرفاء في الرفو طاعة
فإذا سائل رآني فيه ... ظن أني فتى من أهل الصناعة
واستهدى الحمدوي أيضا من سعيد بن أحمد البصري شاة فكانت غير مرضية، فأكثر في ذمها؛ فمن ذلك قوله:
بشاة سعيد وهي روح بلا جسم ... تمثلت الأمثال في شدة السقم
يقول لي الإخوان لما طبختها: ... أتطبخ شطرنجا عظاما بلا لحم
فقلت: كلوا منها فقالوا تجمزا: ... أتطعمنا ناووس قوم من العجم
فقلت لهم: كانت لديهم أسيرة ... ترى القت في أيدي العدو وفي الحلم
وكم قد تغنت إذ تطاول جوعها، ولم تر عند القوم شيئا من الطعم
ألا أيها الغضبان بالله ما جرمي ... إليك فقد بليت لحمى على عظمى
شاة سعيد في أمرها عبر ... لما أتتنا قد مسها الضرر
وهي تغنى لسوء حالتها ... حسبي ما قد لقيت يا عمر
مرت بقطف خضر يشررها ... قوم فظنت بأنها خضر
فأقبلت نحوها لتأكلها ... حتى إذا ما تبين الخبر
وأبدلتها الظنون من طمع ... يأسا تغنت والدمع ينحدر
كانوا بعيدا فكنت آملهم ... حتى إذا ما تقاربوا هجروا
واستهدى ابن طباطبا من بعض الأمراء دابة، وكتب إليه بشعر يقول فيه:
سأغدوا منه محمولا ... على أدهم هملاج
بلون آبنوسي ... ووجه كسنا العاج
وثيق خلقه لم يؤ ... ت من طي وإدماج
قصير الظهر محبوك ... عظيم الردف رجراج
كمنشور الميادين ... به سرعة إدراج
ويسبى السمع منه عن ... د إلجام وإسراج
صهيل في لجام عل ... كه إيقاع صناج
له منه على إيقا ... هـ ألحان أهزاج
عليه أبدا من صب ... غه سربالديباج
أزح عني به اله ... م ولا تولع بإحراجي
فلم أثتضك المرك ... ب إلا بعد إحواج
فوعده ومطله أياما فكتب إليه:
يا سيدي أيها الأمير أما ... تقضى لنا بحاجة رجوناها
دابة الأرض تخرج من قب ... ل خروج التي طلبناها
بشرت نفسي بما سمحت به ... وعدا فحقق لدى بشراها
1 / 17