قدرته عزمه عقب خلق الله هذه الأمور في باطنه عزما مصمما بلا تردد، بل بتوجه قاصدا للفعل طالبا إياه.
فإذا وجد للعبد ذلك خلق الله له الفعل، فالزنى مثلا منسوب إلى الله من حيث هو حركة، وإلى العبد من حيث هو زنا، وإنما يطلق الله سبحانه هذا في القلب؛ ليظهر من المكلف ما يبين علمه تعالى بظهوره منه من مخالفة وطاعة. وليس للعلم خاصية التأثير؛ ليكون مجبورا ولا خلق هذه الأشياء يوجب اضطراره إلى الفعل؛ لأنه أقدره فيما يختاره ويميل إليه عن داعي العزم إلى فعله وتركه، ومن المستمر ترك الإنسان لما يحبه، ويختاره، وفعل شيء وهو يكرهه لخوف أو حياء، وبعد ذلك العزم الكائن بقدرة العبد المخلوق فيه صح تكليفه، وثوابه وعقابه، ومدحه وذمه.
وانتفاء بطلان التكليف والجبر المحض، وكفى في تصحيح التكليف لهذا الأمر الواحد، أعني: العزم المعمم معه أنه مخلوق لله تعالى بواسطة خلق القدرة عليه، وما سواه من أفعال العباد والتروك كلها مخلوقة بقدرة الله بلا واسطة، ومع ذلك فحسن هذا العزم لا يقع إلا بتوفيق منه تفضلا، فإن الشياطين وهي النفس لا تغلب إلا بمعونة التوفيق، هذا كلام شيخنا (١).
وفي شرح العقائد للمولى سعد الدين التفتازاني (٢) في تحقيق الفعل لله، والكسب للعبد ما يقرب من هذا، وهو أن صرف العبد
_________
(١) انظر ابن الهمام، المسايرة في العقائد ص ٩٨.
(٢) انظر السعد التفتازاني، شرح العقائد النسفية ص ٩٩.
1 / 87