السرعة والبطء أمر اعتباري، بمعنى أن الفعل يلحظه مرة بهذا فيسميه بكذا، ومرة بهذا فيسميه بكذا، وبهذه النكتة الحسنة تزول عنك كثير من الشكوك، كقيام المعنى فيما ذكر ونحوه.
فإذا علمت هذا علمت أنه لا يخرج عن قدرته كل ما يحتاج إلى الإيجاد، بخلاف ما هو أمر اعتباري فإنه لا شيء حتى يعين له فاعل.
وما نسب لأئمة أهل السنة من تأثير العبد في أخص وصف الفعل ونحوه فقد علمت تأويل السنوسي فيها أنها على المناظرة ودفع الخصوم جدلا وإلزاما، كأن يقول: أحوجكم معاشر المعتزلة لنسبة الفعل للعبد كونه مناط التكليف، فإن كان هذا أحوجكم فليس التكليف منوطا بمطلق الفعل، كالحركات مطلقا بقيد كونه طاعة أو فسقا مثلا، فهلا قلتم: إن كونه طاعة مثلا بخلق العبد لا مطلق الحركة، بأن يسوق السني المعتزلي سوق التدريج حتى ينقاد له لهذا، فيقول: هلا قلت: إنه مكلف من حيث ما يحس من نفسه الاختيار والقصد للفعل، وإن كان في الحقيقة لله.
وأقول: قد وقعت لإمام الحرمين في متنه لا في مناظرة على الجزم بما نسب إليه السنوسي محتجا - يعني إمام الحرمين - عليه قائلا به: رادّ بما سواه، وكذا الباقلاني، وكذا في الإرشاد (١)، والشامل (٢) للإمام. وقال ابن أبي شريف: إن فعل العبد لله
_________
(١) انظر إمام الحرمين، الإرشاد ص ١٨٢.
(٢) انظر كذلك كتابه الشامل ص ٣٥ وما بعدها.
1 / 75