عبر بعالم على معنى العالمية، فتأمله. ثم التعبير بكونه قادرا .. وبالقادرية على لحظين. فإن اعتبرت الحال فقط بقطع النظر عن ذكر الموصوف بها، قلت: البياضية، واللونية، والسوادية، والقادرية، وإن اعتبرته مع النظر إلى إنصاف الموصوف به قلت: يجب للموصوف بالقدرة مثلا كونه قادرا.
والعبارة الكاشفة عن المسألة أن معنى القادرية صفة أوجبتها القدرة، فلذلك ذكرت بياء النسب، منسوبة لما أوجبها.
ومعنى كونه أي الموصوف قادرا هو اتّصافه بالقادرية المذكورة هذا عند من أثبتها، أما من نفاها فعنده كونه قادرا، أو القادرية ألفاظ وعبارات في قول أو وجوه واعتبارات، أي حيثيات في آخر ليس وراء اللفط شيء محقق، بل هي كالقبلية والبعدية من حيثيات لا من ذات الموصوف بها.
ولا وصف هناك أصلا. ومن ثمّ أجمع الناس على كفر من نفى قادرا. وإنما الخلاف في كونه قادرا أو القادرية بالنفي والإثبات وعليهما، فهو قادر بسبب اتصافه بالقادرية وبالقدرة على من نفى الحال.
فإن قلت: إن بنينا على مذهب من نفى المعاني كالقدرة ونفى الأحوال، فبأي وجه يسمى قادرا، بل اللازم عليه عدم التسمية وقد أطبق المعتزلة (١) على نفي المعاني، واختلفوا في
_________
(١) المعتزلة: هي إحدى الفرق الكلامية الإسلامية، يقولون بنفي صفات الله تعالى ليس خالقا لأفعال العبد، وإن القرآن محدث ومخلوق. وكان التوحيد في رأيهم أن الله تعالى عالم بذاته، وسموا معتزلة؛ لأن واصل بن عطاء، وعمرو بن عبيد كانا من تلاميذ الحسن البصري، ادعيا: " إن الفاسق ليس بمؤمن وليس بكافر "، وجلسا في ناحية خاصة من المسجد، فقيل عنهما: إنهما اعتزلا حلقة الحسن البصري؛ فسموا معتزلة. انظر أبو الحسن الأشعري، مقالات الإسلاميين ج١/ ١٦٧.
1 / 68