معنى عاما فوق الأعيان المشار إليها بهذا.
وتلك المعاني العامة من أخصّ أوصاف النفوس الإنسانية، فمن أنكرها معقولة خرج عن حدود الإنسانية ودخل في حريم البهيمية ﴿بل هم أضل سبيلا﴾ (١).
وأما الخطأ الثاني: فهو رد التمييز بين الأنواع إلى الذوات المعينة، وذلك من أشنع المغالاة والشيء، وإن كان إنما يميز عن غيره بأخص وصفه، فأخص وصف نوع الشيء غير، وأخص وصف الذات المشار إليها غير، فإن الجوهر يتميز عن العرض بالتحيز مطلقا إطلاقا نوعيا لا معينا تعيينا شخصيا، فإن الجوهر إنما يتميز عن جوهر آخر معين يتميز مخصوص لا بتميز مطلقا، وقد لا يمتاز جوهر معين عن عرض متعين يتميز مخصوص، وليس بالأعم كالوجود بل بأخص أوصافها بشرط أن يكون كلية عامة، ولو كان التميز بالذوات لزم ألا يجري حكم مثل في مثل.
فلو أقمت دليلا على حدوث جوهر لزمك إقامة آخر على جوهر آخر، ولو حكم على الجوهر بأنه قابل العرض، ولم يسلب هذا الحكم عن العرض، إذ إجزاء الحكم ونفية بإثبات ما به التماثل والاختلاف، وحيث لم يثبت الحال لم يثبت تخالف ولا تماثل، وارتفع العقل والمعقول وتقدر الحس والمحسوس.
وأما وجه خطأ المثبتين للحال فإنهم أثبتوا للموجود المعين
_________
(١) الفرقان: الآية: ٤٤
1 / 63