واشتراكهما باطل ضرورة، وحيث الاشتراك والافتراق لم يخل، إما أن يفترقا بأمر أو يشتركا بأمر أم لا؟ وافتراقهما بلا أمر واشتراكهما لا في أمر باطل ضرورة، فثبت أنهما بأمر، ثم ذلك الأمر إما أن يكون واحدا أم لا؟
وكونه واحدا سفسطة؛ إذ هو بديهي، يعني البطلان؛ لعدم صحة كون الأمر الواحد مفرقا مشتركا بين شيئين. وحيث ثبت ذلك الأمر فذلك الأمر هو المعني بالحال. هذا دليل المثبتة.
قال النافون لأحوال السواد والبياض: المعين لا يشتركان قط في شيء هو كالصفة لهما، بل يشتركان في شيء هو اللفظ على الجزئية والنوعية والعموم، والاشتراك فيه ليس يرجع إلى صفة هي حال السواد والبياض، فإن حالتي الفرضين يشتركان في الحالية، ولا يقتضي ذلك ثبوت حال للحال؛ فإنه يؤدي إلى التسلسل، والعموم كالعموم، والخواص كالخواص، هذا كلامهم.
وبيانه: أن الاشتراك والافتراق إنما هو بلفظ عام أو خاص، فإن عبّرت عن البياض بلفظ لون عمه هذا اللفظ وعمّ السواد، وإن عبّرت عنه بلفظ البياض خصّه هذا اللفظ دون السواد.
والدليل على ذلك مرجعه اللّفظ لا لأمر وراء اللفظ، إن الحال أيضا يعبر عنه بما يعمّه ويخصّه فتعبر عن البياضية بأنها حال، وهذا أمر يعمها وسائر الأحوال.
وتعبر عنها بأمر يخصها هي البياضية مثلا، وهو أمر يخصها
1 / 56