وقادرا على ردّ ما يرد عليه مطمئن القلب به أيضا، أما المحصل له نقلا عن كتاب، أو عن شيخ يحسن الظن به كمن تراه يسرد الأدلة سرادا، وربما حفظها في لوح أو من كثرة ما يسمعها، ولا يعلم إلا أن الأول ملزم والثاني لازم، وبيان الملازمة قال الشيخ الفلاني كذا، فليس ممن عرف الدليل، ولا ممن حام حوله، بل هو مقلّد في الدليل جمليا وتفصيليَّا، وفي مثله يقول ابن عرفة (١): ففي إيمان ذي التقليد فيهما يعني المقلد في الدليل الجملي والتفصيلي إلخ ما سبق عنه.
فحكى فيه من الخلاف ما حكى غيره في المقلّد في الصفات دون دليل أصلا بالإيمان إفعال من الأمن، كأن حقيقة آمن به أمنّه التكذيب والمخالفة وهو يتعدى باللام تارة والباء أخرى ﴿وما أنت بمؤمن لنا﴾ (٢). وفي الحديث: «الإيمان أن تؤمن بالله» (٣).
فالإيمان الذي هو التصديق بالقلب إذعان للحكم وقبوله، كما أن التصديق مطلقا إيمانا وغيره الذي هو مقابل للتصور كذلك وليس حقيقة التصديق أن يقع في القلب نسبة الصدق إلى الخبر والمخبر من غير إذعان وقبول، بل هو إذعان وقبول لذلك، بحيث يقع عليه اسم التسليم على ما صرح به الإمام القرافي (٤)
_________
(١) انظر ابن عرفة، المختصر الشامل.
(٢) يوسف: ١٧.
(٣) جزء من حديث طويل رواه مسلم في كتاب الإيمان عن عمر بن الخطاب ﵁.
(٤) القرافي: أحمد بن إدريس (ت ٦٨٤هـ = ١٢٨٥م): فقيه مالكي. عالم بالأصول من مصنفاته: " أنوار البروق في أنواء الفروق "، " شرح تنقيح الفصول ومختصره ". انظر ابن فرحون، الديباج المذهب ص٦٢ - ٦٧. محمد مخلوف، شجرة النور الزكية، ص١٨٨.
1 / 42