122

Тираз Ли Асрар

الطراز لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز

Издатель

المكتبة العنصرية

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٢٣ هـ

Место издания

بيروت

التقسيم الثالث باعتبار حكمها إلى حسنة وقبيحة اعلم أن الاستعارة إنما يظهر حسنها إذا عريت عن أداة التشبيه، وكلما ازداد التشبيه خفاء ازدادت حسنا ورشاقة، وكانت متضمنة للبلاغة مع الإيجاز، وجودة النظم وحسن السياق، والقبيح منها ما خالف ما ذكرناه من هذه الاعتبارات. فأما الاستعارة الرائقة فكقوله تعالى: وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا [طه: ١٣١] فانظر إلى استعارة مد العين لإحراز محاسن الدنيا والشغف بحبها، والتهالك فى جمع حطامها، والشح بما ظفر به منها وبين المد للعين، وهذه الأشياء، من الملائمة، والتناسب ما لا يخفى على أهل الكياسة، وهكذا قوله تعالى: زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا فاستعار الزهرة لما يظهر من زينة الدنيا ورونقها، وإدراك لذاتها كالزهر إذا تفتح وأعجبت غضارته وحسن بهجته ومن أعظمها إعجابا قوله ﷺ فى وصف القرآن «من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار» فاستعار الأمام، والخلف للعمل بأحكامه والإعراض عنها ثم جعل الانقياد إلى الأمور المحبوبة وصير السوق إلى الأمور المكروهة، ومما يشير إلى هذا المعنى قول أمير المؤمنين «تخففوا تلحقوا» وقوله: «فإن السبقة الجنة، وإن الغاية النار» فقوله تخففوا تلحقوا، من الكلام الذى لا تنال له غاية، ولا يدرك له حد ولا نهاية، ثم إنه جعل السبقة، لما يراد ويجب، وجعل الغاية لما يكره ويعرض عنه. ومن جيدها قوله: ولما قضينا من منى كل حاجة ... ومسح بالأركان من هو ماسح أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا ... وسالت بأعناق المطى الأباطح والغرض بهذا هو أن الإبل سارت سيرا شديدا فى سرعة مع اختصاصه بلين وسلاسة، حتى كأنها سيول وقعت فى الأباطح فجرت. ومن غريبها ما قاله بعض الشعراء: قوم إذا لبسوا الدروع حسبتها ... سحبا مزررة على أقمار

1 / 124