يسعى المرء إلى الميقات يوم فيه فراق الدنيا أو بلوغ العليا والدنيا صاحبة الغالب وعدوة المغلوب والصبر باب العز والجزع بابا الذل ليس جمع خيرًا من جمع ولكن جد خير من جد ولرب حيلة أزكى من قوة وكيد أسرع عيانًا من جيش والأمل الخالب ولقدر الغالب والمرء الحازم من كيس دهره خالس) محملًا في بادله اقتصاده في دوله قدر ولم ينظر وبلى يخذل حذر من دهره ما لم ينزل به شرف همته بمحل النجم لم يرض من الزمان بأيسر خطة فلا تصحبوا التواني فإنه شر صاحب ولا ترضوا بالمنى فإنه مراتع العاجزين ولا تقروا على ضيم فإنه مصارع الأذلاء فقوموا قبل أن تمنعوا القيام.
قال وهب: فأجابوه فسار إلى أرض بابل فافتتحها وقتل من كان بها من البوار حتى بلغ أرض أرمينية وافتتح أرض بني يافث، ثم أراد أن يعبر نهر الأردن يريد الشام فلم يستطع ذلك، فقيل له: إياها الملك ليس لك مجاز غير الرجوع في طريقك فبنى قنطرة سنجة وهي من أوابد الدنيا وجاز عليها إلى الشام، والشام اسم أعجمي من لغة حام وهو طيب تفسيره بالعربي فأخذ الشام إلى الدرب ولم يكن خلف الدرب أحد ثم نهض إلى المغرب فبلغ النيل فنزل عليه فدعا أهل مشورته، ثم قال: لهم إني رأيت أن أبني مصرًا بين هذين البحرين يكون صلة بين المشرق والمغرب فإنه يلجأ إليه أهل المشرق والمغرب، قالوا له: نعم الرأي أيها الملك. فبنى المدينة وسميت مصر - كما قال لهم - وبنو حام بالمغرب سكنوا براري مصر فوصل إلى قمونية والقوط من ولد يافث بقمونية.
1 / 57