194

Тибб Набави

الطب النبوي لابن القيم - الفكر

Издатель

دار الهلال

Номер издания

-

Место издания

بيروت

رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ عَنْ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ، فَقَالَ: «حَلَالٌ»، فَلَمَّا وَلَّى، دَعَاهُ فَقَالَ: «كَيْفَ قُلْتَ، فِي أَيِّ الْخُرْبَتَيْنِ، أَوْ فِي أَيِّ الْخَرْزَتَيْنِ، أَوْ فِي أَيِّ الْخَصْفَتَيْنِ أَمِنْ دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا؟ فَنَعَمْ. أَمْ مِنْ دُبُرِهَا فِي دُبُرِهَا، فَلَا، إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ» «١» . قَالَ الرَّبِيعُ: فَقِيلَ لِلشَّافِعِيِّ: فَمَا تَقُولُ؟ فَقَالَ: عَمِّي ثِقَةٌ، وعبد الله بن علي ثِقَةٌ، وَقَدْ أَثْنَى عَلَى الْأَنْصَارِيِّ خَيْرًا، يَعْنِي عمرو بن الجلاح، وخزيمة مِمَّنْ لَا يُشَكُّ فِي ثِقَتِهِ، فَلَسْتُ أُرَخِّصُ فيه، بل أنهى عنه. قلت: ومن ها هنا نَشَأَ الْغَلَطُ عَلَى مَنْ نُقِلَ عَنْهُ الْإِبَاحَةُ مِنَ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ، فَإِنَّهُمْ أَبَاحُوا أَنْ يَكُونَ الدُّبُرُ طَرِيقًا إِلَى الْوَطْءِ فِي الْفَرْجِ، فَيَطَأُ مِنَ الدُّبُرِ لَا فِي الدُّبُرِ، فَاشْتَبَهَ عَلَى السَّامِعِ «مِنْ» بِ «فِي» وَلَمْ يَظُنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا، فَهَذَا الَّذِي أَبَاحَهُ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ، فَغَلِطَ عَلَيْهِمُ الْغَالِطُ أَقْبَحَ الْغَلَطِ وَأَفْحَشَهُ. وَقَدْ قَالَ تعالى: فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ قَالَ مجاهد: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ تعالى: فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ، فَقَالَ: تَأْتِيهَا مِنْ حَيْثُ أُمِرْتَ أَنْ تَعْتَزِلَهَا يَعْنِي فِي الْحَيْضِ. وَقَالَ علي بن أبي طلحة عَنْهُ، يَقُولُ: فِي الْفَرْجِ، وَلَا تَعْدُهُ إِلَى غَيْرِهِ. وَقَدْ دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى تَحْرِيمِ الْوَطْءِ فِي دُبُرِهَا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَبَاحَ إِتْيَانَهَا فِي الْحَرْثِ، وَهُوَ مَوْضِعُ الْوَلَدِ لَا فِي الْحُشِّ الَّذِي هُوَ مَوْضِعُ الْأَذَى، وَمَوْضِعُ الْحَرْثِ هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: (مِنْ حيث أمركم الله) قال: فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وإتيانها في قلبها مِنْ دُبُرِهَا مُسْتَفَادٌ مِنَ الْآيَةِ أَيْضًا لِأَنَّهُ قَالَ: أَنَّى شِئْتُمْ، أَيْ: مِنْ أَيْنَ شِئْتُمْ مِنْ أَمَامٍ أَوْ مِنْ خَلْفٍ. قَالَ ابْنُ عباس: فأتوا حرثكم، يَعْنِي: الْفَرْجَ. وَإِذَا كَانَ اللَّهُ حَرَّمَ الْوَطْءَ فِي الْفَرْجِ لِأَجْلِ الْأَذَى الْعَارِضِ، فَمَا الظَّنُّ بِالْحُشِّ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْأَذَى اللَّازِمِ مَعَ زِيَادَةِ الْمَفْسَدَةِ بِالتَّعَرُّضِ لِانْقِطَاعِ النَّسْلِ وَالذَّرِيعَةِ الْقَرِيبَةِ جِدًّا مِنْ أَدْبَارِ النِّسَاءِ إِلَى أَدْبَارِ الصِّبْيَانِ.

(١) أخرجه ابن حبان.

1 / 196