وبين المعدة والكبد عروق فيها يصل الغذاء من المعدة إليها وهذا هو معنى قوله عليه الصلاة والسلام: (المعدة حوض البدن والعروق إليها واردة) فيمتص الكبد أجود ما في الغذاء بتلك العروق فتطبخه طبخا آخر حتى يصير دما.
فإذا صار دما أرسلت إلى كل عضو منه ما يكفيه وما يقتضيه مزاجه، والذي يتأخر من الغذاء يندفع إلى الأمعاء [فتتغذى الأمعاء] بأجوده ويندفع الباقي نجوا.
ثم إن الكبد ترسل إلى القلب أجود الغذاء وأصلحه، وإلى الرئة أرقه وأحده، وإلى الدماغ أرطبه، وإلى العظام أغلظه وأيبسه وتبقى فضلاته فيها، فتدفع قسطا منها إلى المرارة ويسمى المرة الصفراء، وقسطا إلى الطحال، ويسمى المرة السوداء.
ويندفع قسط من المرارة إلى الأمعاء فيعين على خروج الثقل، ويندفع قسط من الطحال إلى فم المعدة فينبه شهوة الطعام.
ويصحب الدم من الماء قسطا ليوقفه وينفذه إلى المسالك الضيقة، ثم ذلك الماء يرجع القهقرى إلى الكبد.
ثم إن الكبد يدفعه إلى الكلى والمثانة وهو البول، ويصحب ذلك قليل من الدم لتغذية الكلى والمثانة.
والدليل على أن الماء يصل إلى أطراف الأعضاء ويرجع القهقرى أمر المخضوبة، فإنه يصبح ماؤها عقيب الحناء أحمر لانصباغ الماء من الحناء.
وينبت من الكبد عرقان عظيمان أحدهما من مقعرها يسمى ((الباب)) يتصل بالمعدة ويأخذ ما فيها من الغذاء كما تقدم، والثاني ينبت من محدبها يسمى ((الأجوف)) يتصل بجميع البدن، ويمر قسم منه إلى الصلب يسمى الوتين، ومعلق القلب، لأنه معلق بالقلب يسقي كل عضو في الإنسان، ويسمى أيضا ((النياط)) قاله ابن عباس. فإذا انقطع مات صاحبه، وهذا معنى قوله عز وجل: {لقطعنا منه الوتين}.
Страница 305