إن الأسلوب الأساسي الذي تنتهجه المدارس يتمثل في دمج هؤلاء الأطفال مع زملائهم في الفصول، وجعلهم يكتسبون لغة الأغلبية بأقصى قدر ممكن، دون الاهتمام بلغتهم الأولى أو استخدامها. ينتج عن اتباع هذا الأسلوب كثير من المشكلات، التي يطلق عليها البعض اسم «الانغمار اللغوي» أو «الفشل أو النجاح»، فإذا فشل الأطفال في فهم اللغة المستخدمة في المدرسة أو التحدث بها، فإن سرعة تعلمهم للمهارات والمحتوى الدراسي تقل إلى حد كبير ويتأخرون عن زملائهم. بالإضافة إلى ذلك، عادة ما يشعرون بالوحدة وعدم الأمان، خاصة إذا كانوا الوحيدين ضمن الأطفال الذين يعرفون بالفعل لغة الأغلبية. تشتد حدة هذا الصراع عندما لا توجد معرفة لدى المعلمين بلغة الأقلية وثقافتهم، ولا يوجد أحد لمساعدتهم. كتب جيم كومينز؛ الخبير في تعليم أطفال الأقليات، يقول إن من أكثر التجارب المحبطة التي يتعرض لها الأطفال الوافدون حديثا إلى دولة ما، عدم القدرة على التعبير عن ذكائهم ومشاعرهم وأفكارهم، وحتى حس الفكاهة لديهم، لمعلميهم وأقرانهم، فهم لا يستطيعون فعل هذا بلغة المدرسة، ولا يسمح لهم بفعله بلغتهم الأصلية.
2
تزخر السير الذاتية ومذكرات الذين مروا بهذه المحنة بإفادات مثل الإفادة التالية:
على الرغم من معرفة معظم المعلمين البريطانيين بقدر من الفرنسية، فإنهم لم يكونوا يستخدمونها قط لمساعدتي؛ كانوا يقولون إن «الممارسة» هي السبيل الوحيد للتعلم. كنت أنا وأختي الأكبر سنا في المدرسة نفسها، وكانت معرفتها بالإنجليزية أفضل بكثير مني، لكن لم يكن يسمح لها بمساعدتي، وكنا ممنوعين من التواصل أحدنا مع الآخر بالفرنسية.
3
قال الناشط الأمريكي، الذي من أصل مكسيكي، الشهير في مجالي حقوق العمال والحقوق المدنية سيزار شافيز، عن تجربته في هذا الشأن:
في الفصل كانت اللغة إحدى مشكلاتي الكبرى. بالطبع كنا مستائين بشدة لعدم قدرتنا على الحديث بالإسبانية، لكنهم أصروا على ضرورة تعلمنا الإنجليزية، فقالوا إننا إذا أردنا أن نكون أمريكيين، فلا بد لنا من التحدث بالإنجليزية؛ أما إذا أردنا التحدث بالإسبانية، فعلينا العودة إلى المكسيك.
4
توجد أشكال مختلفة لأسلوب فرض لغة الأغلبية هذا؛ يتمثل أحدها في توفير فصول خاصة لتعلم اللغة الثانية (يطلق على هذه الفصول في الولايات المتحدة فصول تعلم «الإنجليزية كلغة ثانية»)؛ حيث يتعلم الأطفال عادة بطريقة رسمية إلى حد كبير اللغة المستخدمة كوسط للتعليم في المدرسة. لا يكون ما يتعلمونه غير مفيد دوما فحسب، على الرغم من الجهود الكبيرة للمعلمين المخلصين، وإنما يعاني الأطفال بالإضافة إلى ذلك من وصمة إخراجهم من الفصول العادية وانتقالهم لتعلم اللغة في هذه الفصول؛ مما يزيد الفجوة بينهم وبين الأطفال الآخرين. إليك ما أخبرني به ذات مرة أحد الأشخاص الثنائيي اللغة في البرتغالية والإنجليزية عن تجربته:
عندما التحقت بالمدرسة لأول مرة عند وصولي إلى الولايات المتحدة، وضعت في أحد الفصول الخاصة لتعلم الإنجليزية كلغة ثانية، فكان هذا الفصل يضم كل الطلاب الذين لا يتحدثون الإنجليزية أو يتحدثونها على نطاق محدود. لقد كان هناك على الأقل عشرون طالبا من لغات وأعمار مختلفة. لم تكن المعلمة تتحدث إلا بالإنجليزية، وكانت تنقل تعليماتها إلى الطلاب الجدد عبر الطلاب الذين يفهمون الإنجليزية بالفعل؛ وانتهى الحال بجلوس كل مجموعة لغوية من الطلاب معا؛ ليتمكنوا من فهم إرشادات المعلمة وشرحها من خلال الطلاب الذين بإمكانهم ترجمتها شفويا. لا أعتقد أني تعلمت الحديث بالإنجليزية في هذا الفصل؛ فقد تعلمت هذا في الشارع من الأطفال الذين كنت ألعب معهم.
Неизвестная страница