وارتاح يسري بعض الشيء، واطمأن أن علم أخيه قائم على الاستنتاج، فاستقر مضطربه. وكان ترك دولت للبيت أمرا يفكر فيه هو، بل إن دولت أنبأته في الأمس أنها تريد خمسين جنيها لتعود فتاة عند الحاجة ... الحاجة ... قالت الحاجة من؟ لا يهم، فلماذا لا يعطيها ما طلبت، ويزوجها؟ والله فكرة، من يتزوج بها؟ إنها هي أيضا لا تريد البقاء وتريد أن تستقل ببيت، فلماذا لا ينفذ هذا؟ ولكن من يتزوج بها؟ من؟ من؟ وقبل أن يبدأ أخوه الحديث ثانية دخل السكرتير ليقول: الأستاذ صبحي، هل ينتظر؟
وانتفض يسري عن مقعده وهو يقول: هو، إنه هو.
وقال أخوه: ماذا، ما بك؟
فقال لأخيه وقد استعاد ثباته: لا، لا شيء.
ثم قال للسكرتير: اسأله أن ينتظر، فسأطلبه حالا.
وخرج السكرتير. وقال خيري: هيه، أأتركك لتفرغ لعملك، أم أنتظر دقيقة أخرى لأسمع منك كلاما مستقيما لا لف فيه ولا دوران؟
قال يسري وقد اطمأنت فكرة في ذهنه: ماذا تريد مني؟ - اطلب إلى دولت أن تخرج. - وما الحجة التي تقدمها لتخرج؟
وارتج على خيري هنيهة ثم قال: هذا شأنها وشأنك، لتقل إنها ستتزوج، أو لتقل إن أخاها يريدها، أو لتقل ما تشاء، المهم ألا تبقى في البيت. فإن نظرات الخدم أمس لم تعجبني، وأخشى أن تنتقل نظرات الخدم إلى السادة.
فقال يسري: سأطيعك يا آبيه خيري، وستسمع حالا أني أطعتك.
وقام خيري دون أن يشكره على هذا الأدب ولا على الترحيب الذي لاقاه به، فقد كان لقاؤه مع فايزة لا يزال مسيطرا عليه.
Неизвестная страница