208

ولم يسعني السكوت والتكتم على ما يختلج في صدري وقلت في نفسي : لا بد لي من إفشاء هذه الحقيقة على الناس ( وأما بنعمة ربك فحدث ) وهي من أكبر النعم أو هي النعمة الكبرى في الدنيا وفي الآخرة ، و« الساكت عن الحق شيطان أخرس » « وليس بعد الحق » إلا « الضلال » .

والذي زاد شعوري يقينا بوجوب نشر هذه الحقيقة هو براءة أهل السنة والجماعة الذين يحبون رسول الله وأهل بيته ويكفي أن يزول الغشاء الذي نسجه التاريخ حتى يتبعوا الحق وهذا ما وقع لي شخصيا .

قال تعالى : ( كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم )(1).

ودعوت أربعة أصدقاء من الاساتذة العاملين معي في المعهد كان إثنان منهم يدرسان التربية الدينية والثالث يدرس مادة العربية والرابع كان أستاذ الفلسفة الاسلامية . لم يكن أربعتهم من قفصة بل كانوا من تونس ومن جمال وسوسة ،

( 1 ) سورة النساء : آية 94 .

( 206 )

دعوتهم إلى البحث معي في هذا الموضوع الخطير وأشعرتهم بأني قاصر عن إدراك بعض المعاني وقد اضطربت وتشككت في بعض الامور ، وقبلوا المجيء إلى بيتي بعد إنهاء العمل ، وتركتهم يقرأون كتاب المراجعات على أن مؤلفه يدعي أشياء عجيبة وغريبة في الدين ، وقد استهوى الكتاب ثلاثة منهم أما الرابع الذي يدرس اللغة العربية فقد قاطعنا بعد أربع جلسات أو خمس قائلا : « إن الغرب الآن يغزو القمر وأنتم ما زلتم تبحثون عن الخلافة الاسلامية » .

Страница 209