التعجب من فعل المفعول بين المانعين والمجيزين
التعجب من فعل المفعول بين المانعين والمجيزين
Издатель
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Номер издания
العددان التاسع والسبعون والثمانون
Год публикации
السنة العشرون- رجب-ذوالحجة ١٤٠٨هـ
Жанры
أجازوه إذا أُمِن من اللبس، وقد ذهب هذا المذهب خطّاب الماردي ١، وهو اختيار ابن مالك، قال في شرح الكافية الشافية: "على أن فعل المفعول إذا لم يُجهل معناه ببناء فعل التعجب منه جاز صوغ (أَفْعَلَ) و(أَفْعِلْ) من لفظه، نحو: ما أزهى زيدًا!، وما أعناه بحاجتك!، وأصلهما: زُهِيَ وعُنيَ، فصيغ منهما فعل التعجب، لأن المراد لا يجهل، بخلاف "ضُرِبَ زيدٌ"، فإن قولك فيه: ما أضرب زيدًا!، يوهم خلاف المراد، فلم يجز" ٢ فذهب خطّاب وابن مالك إلى أن ما لا يُلبس لا يقتصر فيه على السماع، والجمهور لا يُجَوِزُّونه إلا فيما سمع ٣.
وهذا مذهب قَصْدٌ، أخذ من كل قول أحسن ما فيه، وسلم مما يمكن أن يؤخذ عليه، فاستبعد علل القوم، ولم يغد بحاجة إليها، وبُني على استقراء الوارد عن العرب، فلم يُهمل السماع كما فعل الجمهور، ولم يتسع كما اتسع الكوفيون ومن وافقهم، مما جعله أولى بالاختيار عند المحققين كابن مالك وغيره، بل هو الذي يوفق بين الأقوال جميعها، بحيث لا يُبطل القياس ولا يهمل السماع، ويسلم القائل به من تحكم المذاهب الأخرى.
وقد يقال: ألا تكفي الأمثلة الواردة لاختيار مذهب الكوفيين، وترك غيره؟
فالجواب أن يقال:
إن هذه االأمثلة كثيرة من حيث العدد، ولكنها لم تسلم من المعارض، إذ ورد عن العرب التعجب من فعل الفاعل كثيرًا، حتى صار الكثير مما يخالفه بالنسبة شيئًا يسيرًا، لا يصلح للقياس عليه؟ والكثرة والقلة في القياس نسبية، فقد نقيس على القليل، إذا لم يرد له مما ينقضه، ونمتنع من القياس على الكثير لوجود ما ينقضه.
_________
١هو ابن يوسف بن هلال. جعل في إشارة التعيين والبلغة نسبته "المازري" بالزاي ثم راء، وفي البغية وغيرها "الماردي" بالراء والدال المهملتين، من أهل قرطبة، وسكن بطليوس، له شعر فيما يذكر ويؤنث، وكتاب "الترشيح" في النحو، نقل عنه أبو حيان في تذكرته، واختصر "الزاهر" لابن الأنباري.
قال عنه ابن الأنبار: "كان من جلة النحاة، ومحققيهم، والمتقدمين في المغرفة بعلوم اللسان على الإطلاق.
روى عن أبي عبد الله بن الفخار، وأبي عمر أحمد بن الوليد، وهلال بن عريب، وروى عنه ابناه: عبد الله وعمر، وغيرهما، وتصدر لإقراء العربية طويلًا.
نقل عنه أبو حيان وابن هشام كثيرًا.
توفي بعد سنة خمسين وأربعمائة.
انظر ترجمته في إشارة التعيين ١١٢ والبلغة ٧٧ وبغية الوعاة ١/ ٥٥٣ والتكملة لابن الأبّار ١/ ٤٢ وكشف الظنون ٥٠٧ و٩٤٨ ومعجم المؤلفين ٤/ ١٠٣.
٢ ص ١٠٨٦-١٠٨٧ وانظر المساعد ٢/ ٢٦٢-٢٦٣ والهمع ٢/ ١٦٦.
٣ انظر المساعد ٢/ ١٦٢-١٦٣.
1 / 169