التعجب من فعل المفعول بين المانعين والمجيزين
التعجب من فعل المفعول بين المانعين والمجيزين
Издатель
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Номер издания
العددان التاسع والسبعون والثمانون
Год публикации
السنة العشرون- رجب-ذوالحجة ١٤٠٨هـ
Жанры
وجه الامتناع من قولهم: ما أبيضه، ومن قولهم: هو أبيض من كذا.
وقد وجدناهم استعملوا حروفًا من هذا الباب على (ما أفْعَلَهُ)، فقالوا للأنوك: ما أنوكه، وحروفًا نحو هذا، ووجدناهم أيضًا يحذفون من الأفعال المزيدة في هذا الباب، ويقولون: ما أعطاه للخير!، وما أولاه بالجميل!، فالهمزة التي كانت في "أعطى" وقد حذفت، وهذه التي في "أعطاه" غيرها. يدل على ذلك أن الأمر فيه لا يخلو من أن تكون: هِيَ هِيَ، أو غيرها. فلو كانت التي كانت في أصل الكلمة في قولهم: "أعطى زيدًا عمرًا"، لوجب أن يتعدى في التعجب إلى المفعولين اللذين كان يتعدى إليهما في "أعطيت زيدًا درهمًا"، فلما لم يتعد هذا التعدي، وإنما تعدى إلى مفعول واحد، علمت أن تلك التي في قولهم: أعطيت زيدًا درهمًا، قد حذفت واجتلبت همزة أخرى، وهي التي تكون للتعدي في هذا الباب، فتبينت من هذا أنهم قد حذفوا الزيادة من هذا الباب. وحذفوا الزيادة أيضا حذفًا مطردًا في باب ترخيم التحقير، في نحو: أسود وسويد، وحارث وحريث، وحذفوها أيضًا في التكسير في نحو: ظَريف، وظُرُوف، فإذا كَثُر حذفُهم في هذه الأبواب، وفي باب التعجب، لم ينكر أيضًا أن يقول قائل: إن الزيادة التي في باب الألوان تحذف في باب التعجب، ويستعمل فيه "هو أفعل من كذا"، كما استعملوا في: "ما أنوكه"، و"وما أحمقه"، وحروف نحوهما، ويستدل على ذلك من كلامهم بما أنشده أحمد بن يحيى، عن ابن الأعرا بي:
ياليتني مِثلُك في البياض ... أبيضُ من أخت بني إِبَاضِ
جارية في رمضانَ الماضي ... تقطِّع الحديث بالإيماض
وقد يجوز له أن يتناول أيضًا ما يرِوى لِطَرَفَة في قوله:
إن قلت ... نصر فنصر كان شرَّ فَتَى ... فيهم وأبيضهم سربال طبَّاخ
فإذا ساعد القياس الذي ذكرته، وورد في السماع، لم يكن مستعمله معيبًا، وإن كان غيره أشيع وأكثر ١.
وقد ذهب الكوفيون إلى جواز صياغة (ما أفْعَلَ) و(أفْعِلْ) من فِعل المفعول، وأجازوا التعجب مباشرة منه، وتابعهم بعض المتأخرين، واستدلوا ب:
_________
١ العضديات ١٣٥-١٣٦ مسألة (٦١) .
1 / 154