155

Татары от начала до Айн-Джалут

التتار من البداية إلى عين جالوت

Жанры

حالة الشعب المصري عند تولي قطز للحكم أما حالة الشعب ومعنوياته فقد كان في تلك الآونة يعاني من أزمة اقتصادية طاحنة، والأزمات الاقتصادية عادة ما تؤثر كثيرًا على حياة الشعوب، وتجعلهم يفقدون الطموح في أي شيء، ولا يرغبون إلا في الحصول على لقمة العيش، إلا إذا جاء القائد الذي يعظم عندهم الموت في سبيل الله، ويرفع عندهم قيمة الدين، ويهون قيمة الدنيا، ويهون المشاكل المادية والأزمات الاقتصادية، فكل ذلك يضمحل إلى جانب الهدف الأعلى: الجهاد في سبيل الله، وعندها يصبح الموت أمنية، وقد كان الوضع الذي استلم فيه قطز الحكم وضعًا صعبًا للغاية، فالفتن الدائرة على كرسي الحكم منذ عشر سنوات جعلت الحكام لا يلتفتون كثيرًا ولا قليلًا إلى شعوبهم، وكان همهم فقط تثبيت دعائم الملك، وأما أحلام الشعوب فقد كانت تأتي في مراتب متأخرة جدًا في أولوياتهم، ولذلك فإن الشعب في ذلك الوقت لم يكن بالشعب الأمثل الذي يشتاق إلى مثل ذلك اليوم الذي يقابل فيه التتار، لا يحلم بذلك اليوم الذي ينتصر فيه على هذه القوة العاتية، بل على العكس كان كغيره من شعوب المسلمين، يخاف من التتار، ويصيبه الذعر الشديد والهلع الكبير عند سماع أخبار جيوشهم، وكلما اقترب التتار بصورة أكبر من مصر اضطربت الأفئدة وتتابعت الأنفاس، ولذلك كانت مهمة رفع الهمة والروح المعنوية وتحميس الشعب على المقاومة من أصعب المهام التي واجهت قطز ﵀. وهنا نقطة مهمة، وهي أن الجيش غير المؤيد بشعبه لا يقوى أبدًا على الصمود، فلابد من السند الشعبي للقائد والجيش، وإلا فالنصر مستحيل، فليست العملية عملية حرب وقتال في موقعة عابرة، بل إنها عملية يعيشها الشعب بكامله، بكل طوائفه رجالًا ونساء وأطفالًا وشيوخًا، فلا بد أن يكون الشعب بأكمله على استعداد.

8 / 11