الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة
الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة
Издатель
مكتبة ابن تيمية
Номер издания
الثالثة
Год публикации
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
Место издания
الكويت
Жанры
ورسوله فقد غوى) (رواه مسلم ٦/١٥٩ - بشرح النووي) وأحمد (٤/٢٥٦ و٣٧٩) .
فهذا الخطيب قد قاطعه رسول الله ﷺ وقبَّح قوله أمام الناس، والسبب أنه جمع بين الله ورسوله في ضمير واحد (ومن يعصهما) فأمره الرسول ﷺ بأن يعيد ذكر الإسم الظاهر لله ولرسوله، حتى لا يُظن ولو من بعيد أن منزلة الرسول كمنزلة الله ﷿. وهذا الحرص من الرسول ﷺ دليل على وجوب صون جناب توحيد الله ﵎ صونًا كاملًا، ووجوب التفريق التام بين ما يجب لله ﷿ وما يجب لرسوله ﷺ.
ج - والدليل الثالث أن عثمان بن مظعون ﵁ وكان من خيار الصحابة، لما توفي، وحضر عنده الرسول ﷺ سمع الصحابية الجليلة أم العلاء تقول: شهادتي عليك أبا السائب أن الله قد أكرمك. . فرد الرسول ﷺ قائلًا: (وما يدريك أن الله قد أكرمه؟) وكان هذا تنبيهًا عظيمًا من الرسول ﷺ لهذه الصحابية بأنها قد حكمت بحكم غيبي، وهذا لا يجوز، لأنه لا يطلع على الغيب إلا الله ﷿ ولكنها ردت قائلة: سبحان الله يا رسول الله! ! ومن يكرم الله إذا لم يكرمه؟ أي إذا لم يكن عثمان بن مظعون ﵁ ممن يكرمهم الله ﵎ فمن بقي منا حتى يكرمه الله ﵎.
وهذا رد في غاية البلاغة والفهم. ولكن رسول الله ﷺ رد عليها بما هو أبلغ من ذلك حيث قال لها: (والله إني لرسول الله لا أدري ما يفعل بي غدًا) وكان هذا نهاية الأمر وحسمه، فالرسول بنفسه وهو من هو صلوات الله وسلامه عليه يجب أن يظل خائفًا مترقبًا ﴿يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه﴾ [الزمر: ٩] . وهنا وصلت أم العلاء إلى الحقيقة الشرعية العظيمة فقالت: والله لا أزكي بعده أحدًا أبدًا رواه البخاري (٣/٣٥٨ و٦/٢٢٣ و٢٢٤ و٨/٢٦٦ و٦/٤٩ و٦٩ - من الفتح) وأحمد (٦/٤٣٦) عن أم العلاء الأنصارية بنحوه) .
وهذا الأصل مقرر في الشريعة في آيات وأحاديث كثيرة، منها قوله ﵎: ﴿ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من
1 / 21