الأمر الثاني: قوله إنه يجب التعلق بالنبي ﷺ في كل حين وهذه لكلمة من الشرك بالله تعالى لأن التعلق إنما يكون بالله وحده فهو الذي يتعلق به جميع الخلائق في جلب النفع ودفع الضر وقال الله تعالى لنبيه ﷺ: ﴿قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا﴾ وقال تعالى: ﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ﴾ وفي هذه الآية والآية قبلها أبلغ رد على ابن علوي وعلى غيره ممن يتعلق بالنبي ﷺ ويرجو الإمداد منه كما سيأتي ذلك في كلام ابن علوي وإذا كان النبي ﷺ لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعًا ولا ضرًا فماذا يستفيد المتعلقون به والراجون للإمدادات منه؟.
وأما التناقض في كلام ابن علوي ففي زعمه أن الاحتفال بالمولد سنة، ثم نقض ذلك في الخامس من أدلته على جواز الاحتفال بالمولد فصرح فيه أن الاحتفال بالمولد بدعة قال ولكنها حسنة، وكما أن الجملة الأولى من كلام ابن علوي تستلزم الاستدراك على الله وعلى رسوله ﷺ، فالجملة الثانية من كلامه تستلزم مناقضة النصوص الثابتة عن النبي ﷺ في ذم البدع والتحذير منها والأمر بردها، وقد ذكرتها في أول الكتاب فلتراجع (١) وليراجع أيضًا (٢) ما نقله الشاطبي عن ابن الماجشون قال: سمعت مالكًا يقول من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدًا ﷺ خان الرسالة لأن الله يقول ﴿الْيَوْمَ
(١) ص: (١٠، ١١).
(٢) ص (١٥).