131

التفسير المأمون على منهج التنزيل والصحيح المسنون

التفسير المأمون على منهج التنزيل والصحيح المسنون

Издатель

(المؤلف)

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

Жанры

وقال: (أي: إنما نحن نستهزئ بالقوم ونلعب بهم) وكذلك قال قتادة والربيع. وهزئ في لغة العرب: سخر. فأجابهم الله تعالى مقابلة على صنيعهم: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٥)﴾. قال ابن عباس: (يسخر بهم للنقمة منهم. ﴿وَيَمُدُّهُمْ﴾ يملي لهم ﴿فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ في كفرهم يترددون). وفي صفة استهزاء الله سبحانه بالمنافقين أكثر من تأويل: التأويل الأول: مَكْرُهُ بهم يوم القيامة. قال تعالى: ﴿يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ﴾ [لحديد]. وقال تعالى: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ [آل عمران]. قال ابن جرير: (فهذا وما أشبهه من استهزاء الله جلَّ وعزَّ وسخريتهِ ومكرِه وخديعتِه للمنافقين وأهل الشرك به - عند قائلي هذا القول، ومتأولي هذا التأويل). التأويل الثاني: استهزاؤه بهم توبيخه إياهم، ولومه لهم على ما ركبوا من معاصيه، والكفر به. فقد ذكر القرطبي في التفسير عن ابن عباس: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ في الآخرة، يفتح لهم باب جهنم من الجنة، ثم يقال لهم: تعالوا، فيقبلون يَسْبَحون في النار، والمؤمنون على الأرائك -وهي السرر- في الحِجال ينظرون إليهم، فإذا انتهوا إلى الباب سُدَّ عنهم، فيضحك المؤمنون منهم، فذلك قول الله ﷿: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ أي في الآخرة، ويضحك المؤمنون منهم حين غُلِّقت دونهم الأبواب، فذلك قوله تعالى: ﴿فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (٣٤) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (٣٥)﴾ إلى أهل النار ﴿هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦)﴾). التأويل الثالث: الاستهزاء والخداع والمكر والسخرية والنسيان المذكورة في قوله تعالى: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾. ﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ﴾ [النساء: ١٤٢]. ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ [آل عمران: ٥٤]. ﴿سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ ...﴾ [التوبة: ٧٩]. ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ...﴾ [التوبة: ٦٧]. إخبار أنه تعالى مجازيهم جزاء

1 / 133