الظاهرة القرآنية
الظاهرة القرآنية
Исследователь
(إشراف ندوة مالك بن نبي)
Издатель
دار الفكر
Номер издания
الرابعة
Год публикации
١٤٢٠ هـ -٢٠٠٠م
Место издания
دمشق سورية
Жанры
وقد رأى التفوق العددي لأعدائه بالنسبة لحفنة الرجال التي يقودها، نجده يرفع عينيه إلى السماء:
"اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض، اللهم أنجز ما وعدت".
وهذه الكلمات البسيطة تدل بوضوح على أن (بدرًا) ليست كمعركة (كان) (١) أو (استرليتز) (٢) أو (سنغافورة) (٣).
ولقد كانت هذه الملحمة تتحرك بعبقرية (محمد) القادرة، وإرادته الخارقة، متتبعة وثباته من نصر إلى نصر .... حتى حنين.
وإن عمق آرائه ليحير أحيانًا صحابته أنفسهم، فإن أول عمل دبلوماسي أمضاه مع مبعوثي مكة، سيكون بالنسبة لبعض الصحابة موضع دهشة ومبعث عار تقريبًا، فلقد جاء الرسل من مكة لكي يصلوا مع النبي إلى أن يسلمهم من وقت توقيع المعاهدة كل مكي يأتي هاربًا إلى معسكره، إذ أن كثيرًا من المؤمنين المستضعفين بمكة سيهربون من اضطهاد قريش، ويجيئون لينشدوا الأمان في مدينة الأنصار.
ولقد وقع النبي ﷺ المعاهدة التي طبقت في الحال دون أن تكون ذات أثر رجعي، وبدا هذا النص العجيب وكأنما قد أتاح لمكة نصرًا دبلوماسيًا، تذمر منه المسلمون ورأوه فضيحة لهم. وفي اللحظة التي كان المبعوثون يتبادلون فيها وثائق التصديق، تقدم هارب مكي إلى المعسكر الإسلامي، فطالب به رسل مكة في
(١) معركة سحق فيها القائد القرطاجني هانيبال الجيش الروماني منزلًا بذلك الرعب في قلب روما في القرن الثالث قبل الميلاد. (٢) معركة اكتسح فيها نابليون الجيش النمساوي عام ١٨٠٤م. (٣) معركة تم فيها للجيش الياباني بعد هجوم هائل في شبه جزيرة مالقه استسلام القوات الإنجليزية التي كانت تدافع عن هذه القلعة عام ١٩٤٣م. (المترجم)
1 / 137