الخطاب القرآني لأهل الكتاب وموقفهم منه قديما وحديثا
الخطاب القرآني لأهل الكتاب وموقفهم منه قديما وحديثا
Жанры
ووردت هذه العبارة في النسخة السامرية هكذا: (فانصبوا الحجارة التي أنا أوصيكم في جبل جِرْزيم) وعيبال وجِرزيم جبلان متقابلان كما يفهم من الآية الثانية عشرة والثالثة عشرة من هذا الباب، ومن الآية التاسعة والعشرين من الباب الحادي عشر من هذا الباب، فيفهم من النسخة العبرانية أن موسى ﵇ أمر ببناء الهيكل أعني: المسجد على جبل عيبال، ومن النسخة السامرية أنه أمر ببنائه على جبل جِرْزيم.
والذي تبين مما سبق أن جبل جرزيم فيه إشارة إلى بركة الشعب، وعيبال إشارة إلى لعن بعض الشعب_ وبين اليهود والسامريين سلفًا وخلفًا نزاع مشهور، تدَّعي كل فرقة منهما أن الفرقة الأخرى حرَّفت التوراة، وكذلك يوجد بين علماء البروتستانت اختلاف في تحديد هذا الموضع.
قال مفسرهم الشهير آدم كلارك: "إن المحقق كني كات يدعي صحة السامرية، والمحقق باري ودرشيور يدعيان صحة العبرانية، لكن كثيرًا من الناس يفهمون أن أدلة كني كات لا جواب لها، ويجزمون بأن اليهود حرفوا لأجل عداوة السامريين، والكل يسلمون أن جرزيم ذو عيون وحدائق ونباتات كثيرة، وعيبال جبل يابس لا شيء عليه من هذه الأشياء ... وعلم منه أن التحريف واقع في النسخة العبرانية، وأن أدلة كني كات قوية جدًا" (١).
وهذه الفقرة أو الآية تكون كافية لإثبات التحريف والتناقض في الكتاب المقدس، وأي كتاب يكون فيه مثل هذا التناقض والتحريف لا يصح أن يقال: إنه من رب العالمين، أو أنه وحي منه ﷾؛ لأنه كتاب محرف، وكل كتاب طرأ عليه التحريف لا يكون كتابًا مقدسًا.
ومن الأدلة على تحريف اليهود للنسخة العبرانية، تبديل كلمة: (الزوجة) مكان (الأخت) وهذا ما جعل جمهور البروتستانت يتركون النسخة العبرانية ويتبعون التراجم الأخرى كاليونانية واللاتينية والسريانية؛ لأن التحريف في النسخة العبرانية أصبح ظاهرًا بلا شك، فقد جاء في النسخة العبرانية: (وكان اسم أخته معكه) (٢)، والصحيح أن يكون لفظ الزوجة بدل لفظ الأخت هكذا: (وكان اسم امرأته معكه)، قال آدم كلارك: "وقع في النسخة العبرانية لفظ الأخت، وفي اليونانية واللاتينية
(١) انظر: إظهار الحق (١/ ٢٤٣) مرجع سابق.
(٢) انظر: سفر أخبار اليوم الأول (٣٥: ٩)، موسوعة الكتاب المقدس، (٢/ ١٥٣).
1 / 222