77

Пророческая биография между переданными традициями и кораническими стихами

السيرة النبوية بين الآثار المروية والآيات القرآنية

Жанры

على أن ترك إبرام شيء دون إذن الرسول ﷺ من تقوى الله وحده، وأن ضده ليس من التقوى، ليرد ذلك قول مدعي التقوى اليوم، وأنها في القلب يريدون بذلك هدم الإسلام بالتحلل من اتباع النبي ﷺ والتزام تعاليمه والاقتداء به، فيه الرد إذًا عليهم بأن ما فيه (هم) مضاد للتقوى، وهم ليسوا منها في شيء.
وكانت جملة ﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١)﴾ في موضع العلة للنهي عن التقدم بين يدي الله ورسوله، والأمر بتقوى الله (١)، وهي كناية عن التحذير من المخالفة لكون الله تعالى سميعًا بما يقولون عليمًا بما يدبرون من مخالفته ليرعوي ولينزجروا بذلك، ففي ذلك تأكيد للنهي والأمر.
وجاء الأدب الثاني الذي انتظمته الآيات الكريمات، وهو عدم رفع أصواتهم فوق صوت النبي ﷺ في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ وذلك في مجلسه وحضرته إذا كلم بعضكم بعضًا.
وقد تحصل من هذا النهي معنى الأمر بتخفيض الأصوات عند رسول الله ﷺ وكان الصحابة عنوان هذا الاحترام والأخذ بأحكامه، فما كان يفد أحد من البادية على رسول الله ﷺ، إلا نبهوه على هذا الأدب.
قال صفوان بن عسال ﵁ في حديثه الطويل -: كنا مع النبي ﷺ في سفر، إذ ناداه أعرابى بصوت له جهورى: يا محمد فأجابه رسول الله ﷺ نحوًا من صوته: هاؤم! فقلنا له: ويحك! اُتغضض من صوتك، فإنك عند النبي ﷺ، وقد نهيت عن هذا ... . (٢)

(١) التحرير والتنوير (ابن عاشور) الدار الجماهيرية، المجلد (٢٥ - ٢٦/ ٢١٩).
(٢) رواه الترمذى (٣٤٥٨)، وقال هذا حديث حسن صحيح، وقد أقتصرنا على موضع الشاهد.

1 / 80