The Phenomenon of Postponement in Islamic Thought
ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي
Издатель
دار الكلمة
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
Жанры
(١) مجموع الفتاوى (١٤/٢٩٨) . ولما كان هذا مما فطر الله عليه الإنسان - لحكم عظيمة لا يبلغها الوصف - وجعله وراء كل عمل وإرادة له، فإن التصور السلفي ينظر إلى "اللذة" نظرة خاصة تختلف عن النظرات المنحرفة -قديما وحديثا - تلك النظرات الدائرة بين طرفي"الأبيقورية" المقدسة للذة و"الصوفية" المندسة لها. والتصور السلفي بفطريته ووضوحه يعتبر "اللذة" - من حيث هي - مطلوبة للإنسان بل ولكل حي، فلا تذم من جهة كونها لذة وإنما تذم، ويكون تركها خيرا من نيلها وأنفع إذا تضمنت فوات لذة أعظم منها وأكمل، أو أعقبت ألما حصوله أعظم من ألم فواتها. فها هنا يظهر الفرق بين العاقل الفطن والأحمق الجاهل، فمتى عرف العقل التفاوت بين اللذتين والألمين وأنه لا نسبة لأحدهما إلى الآخر، هان عليه ترك أدنى اللذتينلتحصيل أعلاهما واحتمال أيسر الألمين لدفع أعلاهما". الفوائد ١٩٣. وإن شئت التوسع أكثر فانظر الاستقامة لشيخ الإسلام (٢/١٤٨- ١٥٤) . ولهذا كان الإنسان - بما كرمه الله به - هو الوحيد المختص بتقديم الآجل على العاجل والنظر في عاقبة اللذة قبل اقتناصها أخذا من الدرس القاسي الذي تلقاه أبواه في الجنة عندما قادهما الشيطان بدافع تحصيل لذة أعلى وهمية «أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ» [الأعراف:٢٠] إلى المعصية فالمصيبة حيث فقدا اللذة الحاصلة والمتوهمة معا.
1 / 92