The Orientalists' View of the Mu'tazila
موقف المستشرقين من المعتزلة
Жанры
المبحث الأول: القرآن الكريم
موقف المعتزلة من القرآن الكريم:
من منهج المعتزلة في الاستدلال تقديم العقل على النقل، ويقولون بوجوب تأويل ظاهر النص بما يتفق مع معطيات العقل وحججه، حيث اعتبروا أن هناك ثلاث حجج احتج بها المعبود على العباد، وهي: العقل، والكتاب، والرسول. فجاءت حجة العقل بمعرفة المعبود، وجاءت حجة الكتاب بمعرفة التعبد، وجاءت حجة الرسول بمعرفة العباد، والعقل أصل الحجتين الأخيرتين لأنهما عرفا به ولم يعرف بهما (^١)، فجعلوا بذلك العقل حاكما على الكتاب والسنة، فما وافق العقل عندهم قُبِل، وما خالفه رد. وسيأتي الكلام على العقل في المبحث الثالث من هذا الفصل.
موقف المستشرقين من القرآن الكريم
يؤمن المسلمون جميعًا إيمانًا مطلقًا ويقرون إقرارًا تامًا بأن مصدر القرآن الكريم هو الله ﷾، وأنه نزل به جبريل ﵇ على النبي ﷺ أثناء مدة بعثته، وأنه خاتم الأنبياء.
إلا أن المستشرقين يتهمون الإسلام بأن شرائعه قد تأسست من شرائع الأديان السابقة له (^٢)، فهذا المستشرق (ج. د. بيروسون) لا يؤمن بالمصدر الإلهي للقرآن الكريم ويجتهد في بيان أن هناك عددًا من المصادر، أثرت على النبي ﷺ وكونت لديه مادة القرآن الكريم، والحجة في ذلك عنده: أن تحليل النص القرآني يُظهر تعقيدًا شديدًا لمسألة ارتباط القرآن الكريم بنبوة محمد ﷺ، إذ لا توجد أي إشارة إلى مصدر الوحي أو صيغة المتكلم وبالذات في السور المكية (^٣) مما يجعلهم يقدحون في صحة نبوة النبي ﷺ إذ إثبات المصدر الإلهي للقرآن الكريم يرتبط ارتباطًا جذريًا بإقرار النبوة، وإنكار النبوة يفضي إلى القول ببشرية القرآن الكريم، وهو ما يسعى إليه المستشرقون (^٤).
ويتهم المستشرق (جولد زيهر) الرسول ﷺ بأنه خلال النصف الأول من حياته اضطرته مشاغله إلى الاتصال بأوساط استقى منها أفكارًا أخذ يجترّها في قرارة نفسه وهو منطوٍ في تأملاته
(^١) انظر: كتاب أصول العدل والتوحيد، للقاسم الرسي ١/ ٩٦ (ضمن موجز رسائل العدل والتوحيد). (^٢) انظر: مجلة حضارة الإسلام، العدد ٣، جمادى الأولى ١٣٩٦ هـ، شبهات مثارة حول الإسلام وعقيدته وحضارته، مقال للأستاذ أنور الجندي. (^٣) انظر: القرآن الكريم (بيروسون) ضمن موجز دائرة المعارف الإسلامية ٢٦/ ٨١٦٦ - ٨١٦٧. (^٤) انظر: القرآن والمستشرقون: ٢٦، ضمن موجز مناهج المستشرقين في الدراسات الإسلامية ١/ ٢٦.
1 / 19