غيرُ مخصوص بالضرورة؛ لتمكن قائل الأول من أن يقول:
"ما أنت بالحكم المرضي حكومته"
ولتمكن الآخر من أن يقول:
"إلى ربنا صوت الحمار يُجدعُ"
فإذ لم يفعلا ذلك مع استطاعته ففي ذلك إشعار بالاختيار وعدم الاضطرار١.
وهذا الاتجاه في فهم الضرورة قد نُسب إلى ابن مالك وشُهر به، حتى إن كثيرًا ممن خالف هذا المنهج وجّه نقده إلى ابن مالك وحده ولم يتعرّض لسيبويه٢، كقول أبي حيان: "لم يفهم ابن مالك معنى قول النحويين في ضرورة الشعر ... " إلخ ٣.
وإن المتأمل ليستوقفه النظر حيال قبول الناس لهذا الرأي في فهم الضرورة؛ إذ لم يجد كثرة من الأنصار له على الرغم من أن أشهر الذين قالوا به هما سيبويه وابن مالك، والأول كان يعيش في عصر الاستشهاد ويستقي شواهده من المصادر الحية أو ممن سمعها من المصادر الحية، والآخر يعد أمَّة لا في الاطلاع على كتب النحاة وآرائهم فحسب، بل أيضًا في اللغة وأشعار العرب بله القراءات ورواية الحديث النبوي٤.