ذلك، وتوجه كل رجل منهم إلى المصر الذي فيه صاحبه، وكان علي ﵁ قد ضجر من أهل الكوفة، وكان كثيرًا ما يدعو عليهم، وكان كثيرًا ما ينشد إذا آذوه:
خلُّوا سبيل العير يأتِ أهله … سوفَ ترون فعلكم وفعله
وكان كثيرًا ما يقول:
لا شيءَ إلاَّ الله فارفع ظنّكا … يكفيك ربّ الناس ما أهمّكا
وكان يقول أيضًا:
خلُّوا سبيل الجاهدِ المجاهدِ … أبيتُ أنْ أعبدَ غيرَ الوحد
وكان يقول:
فأيَّ يوميَّ من الموتِ أفرّْ (^١) … أيومَ لم يقدرَ أم يومَ قدرْ
وكان يقول: ما يحبس أشقاها، أما والله لعهد إلى النبي الأمي ﷺ أن هذه تخضب من هذه - يعنى لحيته من هامته - وكان يقول:
اشدد حيازيمك للموت … فإنَّ الموت آتيكا (^٢)
ولا تجزعْ من الموتِ … إذا حلَّ بواديكا
فلما كانت الليلة التي اتّعدوا لها، وكانت ليلة الجمعة، بات ابن ملجم في مسجد الجماعة بجنب الأشعث بن قيس الكندي، وكان علي ﵁ رأى في تلك الليلة رؤيا فخبر بها أبا عبد الرحمن السلمي وهو مجروح فذكر أبو عبد الرحمن وكان مؤدب الحسن والحسين ﵄، قال: دخلت عليه وهو مجروح فقال:
ادن مني يا أبا عبد الرحمن - والنساء يبكين - فدنوت منه فقال لي: بت الليلة أوقظ أهلي، فملكتني عيني وأنا جالس، فسنح لي رسول اللّه ﷺ