18

المعجزات والغيبيات بين بصائر التنزيل ودياجير الإنكار والتأويل

المعجزات والغيبيات بين بصائر التنزيل ودياجير الإنكار والتأويل

Издатель

الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

Номер издания

السنة الثانية عشرة،العدد السابع والأربعون والثامن والأربعون

Год публикации

رجب - ذو الحجة ١٤٠٠هـ/١٩٨٠م

Жанры

ولكنه عند قوله تعالى: ﴿كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾ (١٦٦: الأعراف) صرح بالتأويل؛ فقال: والمراد أصبحوا كالقردة في الاحتقار. سابعا: تأويل (طمس الوجوه) بالرؤساء والمقاصد والأماكن: يقول الله جل ذكره: ﴿يَا أَيُّهَا الذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلعَنَهُمْ كَمَا لعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولًا﴾، (٤٧: النساء) . من المفسرين من حمل الطمس في هذه الآية على ظاهره، ومنهم من سلك به أودية المجاز؛ وبيان ذلك كما يلي١:
١) تفسير الوجه بمعناه الجسماني وهو وجه البدن: وقد استعملت الكلمة في القرآن الكريم بهذا المعنى في أكثر مواضع ورودها، كما في قوله تعالى: ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ (٦: المائدة)، ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ﴾ (٦: المائدة)، ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ﴾ (١٤٤: البقرة)، وهو بهذا المعنى المادي في ١٤٩، ١٥٠: البقرة أيضا، ومن هذا الاستعمال أيضا: ﴿فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ﴾ (٢٩ك الذاريات)، كل هذه الآيات وغيرها كثير، استعمل فيها الوجه بمعناه الحقيقي الجسماني. وعلى هذا المعنى فسر طمس الوجه بما يلي: أ – محو آثارها من العينين والحاجبين والأنف والفم حتى تصير كالأقفاء، فيصبح الوجه والقفا سواء في عدم الحواس والمعالم. ب- أن المقصود بطمس الوجوه: تحويلها من جهة الأمام إلى القفا، فتصبح العينان في القفا فيمشون على أعقابهم القهقرى. ج- أن المقصود بطمس الوجوه: طمس العين فتصير عمياء، كما استشهد الطبري لهذا المعنى بقوله: (ومن ذلك قيل للأعمى الذي تعفَّى غرُّ ما بين جفني عينيه فدثر: (أعمى مطموس، وطميس)، كما قال جل ثناؤه: ﴿وَلوْ نَشَاءُ لطَمَسْنَا عَلى أَعْيُنِهِمْ﴾ (٦٦: يس) قال أبو جعفر: الغر ُّ (الشق الذي بين الجفنين) ا؟.

١ رجعنا في تفسير الآية إلى تفسير الطبري ج ٨ ص ٤٤٠- ٤٤٨ ط المعارف المحققة، ابن كثير ج ١ ص ٥٠٧، ٥٠٨ ط الحلبي، والكشاف للزمخشري ج ١ ص ٤٠٦ ط الحلبي، ومحاسن التأويل للقاسمي ج ٥ ص ١٢٨٢ – ١٢٨٦، وتفسير المنار ج ٥ ص ١١٧- ١١٨، وإلى معاجم ألفاظ القرآن الكريم وبعض المعاجم اللغوية.

1 / 177