أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاء رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ﴾ ١.
وواضح أن استدلال العقاد بهذه الآيات الكريمة دليل على أنه يرى رأي العلماء الغربيين وإلا لما استدل بهذه الآيات، ولما قال قبلها: "وينطبق هذا الترتيب تمام الانطباق على فحوى قصة إبراهيم".
والحق الذي لا ريب فيه أن الذين يقولون إن إبراهيم ﵇ كان متحيرًا في الاهتداء إلى معرفة ربه، قد خالفوا الحق والصواب؛ لأنهم استدلوا بظاهر الآيات على أن إبراهيم ﵇ كان يريد أن يصل إلى معرفة ربه حتى هداه الله تعالى في النهاية.
والحق أن أول هذه الآيات وآخرها ومضمونها يدل على أن إبراهيم ﵇ كان يتدرج في دعوة قومه -عباد الكواكب- ليقدم لهم الدليل المحسوس على بطلان ما يعتقدونه في تلك المعبودات.