دعوة إبراهيم لوالده:
ولما كان والد إبراهيم ﵇ أعلم القوم بصناعة الأصنام، وكان الناس يشترونها منه، كان إبراهيم ﵇ يحمل أكثر وأقوى الإلزامات على والده، وقد ضرب إبراهيم ﵇ المثل الرائع في الجمع بين قوة الحجة والإقناع، وأدب الحديث مع والده.
وقد قص الله تعالى لنا تلك المجادلة في قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يُبْصِرُ وَلاَ يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا يَا أَبَتِ لاَ تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا﴾ ١.
وفي هذه الآيات نحس أسلوب الداعية المخلص في التوجيه والتعليم، الذي يحذر في لطف وينذر في لين، ويعرف منزلة الأبوة ومكانتها، فيعطيها حقها من اللين والاحترام.
ومع أنّ تلك الأبوة لم تقابل هذه الدعوة بالحنان والشفقة، بل انقلبت إلى نار تتأجج وجحيم يتوقد، تمثل ذلك في قول تلك الأبوة