وكان مشايخ الزاوية الفاسية في عمومهم جماليون يأخذون الناس من باب سعة الرحمة، ويذيعون مبشرات قبول التوبة، ويدخلون الحضرة من باب المحبة؛ ولكنهم يستعملون الخشية لاتقاء الخيبة، ويركبون نجائب الخائفين لاتقاء هول يوم الدين. ويسمعون مقطعات الأشعار لترقيق الطبع وتجيب الخير؛ ولكنهم لا يأذنون باستماع الأشعار إلا بعد استيفاء كل لورده من القرآن وحزبه من الأذكار (^١). وينبني سلوك الجمالية على أصلين هما: التبشير من غير تنفير، والتيسير من غير تعسير.
خامسا: ملامح من سلوك مشايخ الزاوية الفاسية:
قال الشيخ أبو المحاسن مؤسس الزاوية الفاسية الأولى: «رتب الأئمة الوظائف والأحزاب لما قصرت المقاصد، وذهبت المشارب والموارد. ولو كانوا على القدم الأولى من سلامة الدين، والرسوخ في اليقين، لم تر لهم أورادا موظفة، وأحزابا مكلفة. هذا هو الأصل» (^٢).
وكذلك كان الشيخ عبد القادر:
قال ولده الحافظ عبد الرحمن في أثناء ترجمته: «. . . ومتابعته للسنة في الأقوال والأفعال والأحوال إلى الغاية، وكثرة صلاته على النبي ﷺ، وأمره