فحقّق الله له ما وعدا ... وأوهن الكفر وأيّد الهدى
قال العبد الضعيف: وحملت الناس فيما ذكر على الصحب الكرام، على معنى أنّ ما أخبرهم به رسول الله ﷺ الصادق الأمين في شأن كفار قريش هو حق، وآمن به الصحب، وبمشاهدة ذلك قد ازداد الإيمان عيانا، والبيان بيانا، فهو من باب (عين اليقن) وفيه علم من أعلام النبوّة باهر.
نصر الله الموعود للمؤمنين:
(فحقق الله له) أي: لنبيّه ﷺ (ما وعدا) أي: الذي وعده من النصر على أعدائه؛ حيث أذن له في الجهاد بقوله ﷿: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ «١»، وقول الله تعالى: كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ
، وقوله تعالى: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ. إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ. وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ، ومن إظهار دينه على الدين كله بقوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيدًا.
(١) قال في «الفتح»: (عن الزّهري: إنّها أول آية نزلت في القتال، كما أخبرني عروة عن عائشة، أخرجه النسائي، وإسناده صحيح، وأخرجه هو والترمذي، وصححه الحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: لما خرج النّبيّ ﷺ من مكّة.. قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم ليهلكن، فنزلت: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ الآية، قال ابن عباس: فهي أول آية نزلت في القتال) اهـ