223

الأربعون العقدية

الأربعون العقدية

Издатель

دار الآثار

Номер издания

الأولى

Год публикации

٢٠٢١ م

Место издания

مصر

Жанры

-- وقد رد أهل السنة على هذه الشبهة من وُجوهٍ: الأول: إن الخلود في الآية إنما هو لمُستحِلِّ القتل، فهذا كافر إجماعًا، وفي هذا يقول الطبري عند تفسير هذه الآية: "قوله: "متعمدًا" أيْ: مستحِلًّا قَتْلَه". ويقول القرطبي حاكيًا ما رُوي عن ابن عباس في معنى قوله تعالى: "متعمدًا" أنّه قال: "متعمدًا أيْ: مستحلًا لقتْله، وهو ما يؤدي إلى الكفر إجماعًا، والكافر مخلَّد في النار". (^١) الثاني: إن القول بخلود شخص في النار - ومن ذلك القاتل عمدًا - لا بد فيه من استيفاء الشروط وانتفاء الموانع، ومن هذه الموانع التي تمنع من الخلود في النار: أن يموت القاتل على التوحيد؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾ [المائدة: ٧٢] وقوله ﷺ: «إنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ "لا إلَهَ إلّا اللهُ" يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ» (^٢). ومِثل هذا الجواب يقال في كل دليلٍ نصَّ على خلود فاعل الكبيرة في النار. ** ومما يدل على أنّ لفظ "الخُلود" في حق أصحاب الكبائر ليس على ظاهره: أنّ قوله ﷺ: «مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا» أنه قد جاء في حديث آخرَ يبيّن أن قاتل نفسه ليس بكافر. فقد روى جابر ﵁ أن رَجُلًا مَرِض فَجَزِعَ، فَأَخَذَ مَشَاقِصَ لَهُ، فَقَطَعَ بِهَا بَرَاجِمَهُ، فَشَخَبَتْ يَدَاهُ حَتَّى مَاتَ، فَرَآهُ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فِي مَنَامِهِ فِي هَيْئَةٍ حَسَنَةٍ، وَرَآهُ مُغَطِّيًا يَدَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: مَا صَنَعَ بِكَ رَبُّكَ؟ فَقَالَ: غَفَرَ لِي بِهِجْرَتِي إِلَى نَبِيِّهِ ﷺ، فَقَالَ: مَا لِي أَرَاكَ مُغَطِّيًا يَدَيْكَ؟ قَالَ: قِيلَ لِي: لَنْ نُصْلِحَ مِنْكَ مَا أَفْسَدْتَ، فَقَصَّهَا الطُّفَيْلُ عَلَى

(^١) جامع البيان في تأويل القرآن (٦/ ٩١)، والجامع لأحكام القرآن (٥/ ٣٣٤). (^٢) متفق عليه. والمراد: تحريم التخليد، أو تحريم دخول النار المُعَدّة للكافرينَ، لا الطَّبَقةِ المعَدّة للعُصاة.

1 / 241